بقلم : أحمد أبو مطر
04-10-2014 10:03 PM
العمل الإجرامي المتكرّر لعصابات داعش المتعلق بقصّ رؤوس بعض المختطفين وبث هذه العمليات البشعة في أفلام مصورة،نال نسبة كبيرة من الإدانة في الأوساط العربية والإسلامية وهو يستحق هذه الإدانات لأنّه عمل إجرامي بشع بكل المقاييس، واستمرارا لبعض المعلومات المتعلقة بالبيئة العربية الحاضنة لتمدّد داعش وأخواتها، لا بدّ من التنويه أنّ هذه الإدانات يقابلها أيضا نسبة من الموافقات الداعمة برضا وفرح لممارسات داعش هذه، وإلا كيف نفسّر هذه العدد المتزايد يوميا من الشباب من مختلف بلدان العالم الذين يفرّون من وظائفهم وعائلاتهم وأطفالهم للإلتحاق بمجموعات داعش في العراق و سوريا، مما يعني أنّه مهما تكثفت وتصاعدات غارات التحالف الدولي العربي الجوية ضد مواقع داعش لن تتمكن من القضاء عليها بالسرعة التي يعتقدها الطامحون لذلك، فلم يحدث ان أوقفت الغارات الجوية أي حرب لها طابع حرب العصابات المعتمدة على الكرّ والفرّ والهروب من مكان إلى آخر.
سابقة قصّ رأس الجعد بن درهم على منبر المسجد
اشتهر الجعد بن درهم في زمن الخليفة هشام بن عبد الملك بأقواله ومزاعمه التي أثارت ضدة الغالبية العظمى من المسلمين آنذاك، فهو ممن قالوا ب 'خلق القرآن' رافضا الاعتراف بما ورد في القرآن الكريم من أنّ الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلا كما ورد في قوله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا )، سورة النساء، آية 125 ، أو أنّ الله كلّم سيدنا موسى كما ورد في قوله تعالى ( وكلّم الله موسى تكليما)، سورة النساء، آية 164 ، وغير هذه من المزاعم التي أثارت عليه غضبا واسعا، فتنقل من مدينة إلى أخرى إلى ان استقر في العام 105 هجري في مدينة الكوفة، وتصادف أن عيّن الخليفة هشام بن عبد الملك واليا للكوفة هو خالد بن عبد الله القسري الذي سارع لإلقاء القبض على الجعد بن إبراهيم، وفي صباح أول يوم من أيام عيد الأضحى ذلك العام، ألقى خالد بن عبد الله القسري خطبة العيد، وتوجه للمصلين من على منبر المسجد قائلا: ' أيها الناس ضحّوا تقبل الله ضحاياكم، فإنّي مضح بالجعد بن درهم ، إنّه زعم أنّ الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلّم موسى تكليما، تعالى الله عمّا يقول الجعد علوا كبيرا '، ثم قام بسحب الجعد بن درهم من تحت منبر المسجد ونزل بسيفه وقصّ رقبته على المنبر أمام المصلين جميعا. وهي رواية تجمع عليها غالبية كتب التاريخ الإسلامي المعتمدة ومنها الكتاب المرجع ' البداية والنهاية' لإبن كثير.
هل يختلف قصّ رأس عن رأس أم القصّ واحد؟
يوجد بعض المتخصصين في الشريعة الإسلامية من يؤيد جواز قصّ الرؤوس استنادا لايات من القرآن الكريم، فمثلا الدكتور 'عبد الحي يوسف' الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم، وجّه له السؤال التالي:
' ما حكم قطع الرأس للكافر أثناء الجهاد وهل ثبت ذاك عن النبي صلى الله عليه وسلم؟' فكان جوابه:
( الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حمل إليه رأس كافر بعد قطعه، ولا أنه أمر بحز الرؤوس، بل في القرآن قول ربِّنا جل جلاله (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) وقوله سبحانه وتعالى (فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عقبة بن أبي معيط بعد ما أسر يوم بدر؛ فضربت عنقه لأذيته لله ورسوله، وأمر يوم الفتح بأن تضرب أعناق بعض الكفار ممن سبقت لهم الشقوة عياذاً بالله تعالى، والمطلوب قتل الكافر بما يسرع في إزهاق روحه دون تمثيل به أو تعذيب له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة} اللهم إلا إذا فعل ذلك ـ أعني قطع الرأس ـ مقابلة لصنيع الكفار بقتلى المسلمين؛ عملاً بقول ربنا (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) والله أعلم
http://www.meshkat.net/node/16175
وكذلك الشيخ 'حسين بن محمود' فقذ أفتى صراحة وبوضوح في موقع (وكالة الأنباء الإسلامية، حق) بجواز قطع الرؤوس معتمدا على القرآن الكريم والسنّة النبوية، إذ قال: (أما قطع رؤوس الكفار من اليهود والنصارى والنصيرية والرافضة المرتدين الذين يفعلون بالمسلمين الأفاعيل ، فهؤلاء يجب إرهابهم وزرع الرعب في قلوبهم ، فتُقطع رؤوسهم ولا كرامة ، فقطع الرؤوس من سنّة الصحابة رضي الله عنهم ، وقد أمر الله تعالى في كتابه بضرب أعناق الكفار وحث المسلمين على ذلك ، فقال سبحانه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا …} (محمد : 4) ..
http://www.dawaalhaq.com/?p=16151
وهناك من يتفرغ لرصد من سيرة إبن هشام والرحيق المختوم،
ليسرد عمليات قص للرؤوس وقطع للرقاب منها: قتل كعب بن الأشرف، حكم سعد بني معاذ في بني قريضة وعددهم من 600 إلى 700 ، جزّ رأس أبو جهل في غزوة بدر، ذبح الزبير بن العوام لطلحة بن أبي طلحة في غزوة أحد، قطع عبد الله بن أنيس لراس سفيان بن خالد الهذلي..وغيرها الكثير.
ومن باب الافتخار بذلك ينشر المدعو أحمد بوادي ( أبو داود السافري) موضوعا مثيرا تحت عنوان ' الأدلة والبراهين على أنّ قطع الرؤوس من هدي سيد المرسلين'، ينتقد بقسوة وشماتة من ينكر هذا الموضوع فيقول:
( فقطعوا رؤوس الكافرين وكان نصر من الله عزيزا . ولقد سمعنا من أبناء هذا الدين من يقول أن هذا العمل مخالف لتعاليم الدين.وقد عرف الكثير منهم أن جز الرؤوس من هدي سيد المرسلين ولكن سكتوا وتخاذلوا وكمموا أفواههم كعادتهم عن إظهار الحق لنصرة الدين _ إلا من رحم ربي _ خوفا على أحاسيس ومشاعر الكفار وأعداء الإسلام ليخرجوا بنتيجة مفادها أن هؤلاء قد شوهوا صورة الدين .فتبا لمشاعر وأحاسيس ثمنها أعراض ودماء المسلمين.وابراءً للذمة ونصرة للملة ودفاعا عن أعراض المجاهدين من أبناء المسلمين سأبين بالأدلة والبراهين أن الذبح وقطع الرؤوس من هدي سيد المرسلين
http://justpaste.it/gdeb
ثم يورد العديد من الأدلة حسب وجهة نظره كلها مأخوذة وموثقة من كتب السيرة والتاريخ الإسلامي المشهورة.
رافضون قلة دون دحض الإثباتات والوقائع السابقة، ومن هؤلاء الذين رفضوا قصّ داعش للرؤوس أسماء قليلة ليست مشهورة أو من ذوي التأثير في العالم العربي، والملاحظ أنّ رفضها كان مجرد ألفاظ يمكن أن تصدر من أي مواطن عادي غير متخصص في الشريعة الإسلامية إذ لم يدحضوا أية روايات سابقة مثبتة في كتب التاريخ الإسلامي الموثوقة عند العرب والمسلمين، كما لم يشيروا إلى آيات القرآن الكريم المذكورة بهذا الصدد. ومن هؤلاء الشيخ خلدون عريمط، الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى في لبنان، إذ صرّح قائلا: ' إنّ قطع الرؤوس الذي تقوم به داعش والإساءة إلى الأقليات يتناقضان تماما مع رسالة المسلمين لأنّ الإسلام تعارف وتلاق'. وكذلك الشيخ الحبيب علي الجفري الذي كتب في حسابه على تويتر قائلا جملة لا تحمل أية إدانة واضحة لقطع الرؤوس فهي جملة يمكن أن تقال في أي سياق آخر: ( إنّ الأحكام تتعلق ببني آدم، وهذه أفعال من لديه مشكلة في آدميته ).
وآخرون يرفضون الحرب ضد داعش،
فهل هذا الرفض يعني الموافقة على أعمال داعش الإجرامية؟ وممن رفضوا هذا التحالف الدولي العربي ضد داعش والبدء بقصف مواقعها في العراق وسوريا جماعة الإخوان المسلمين السوريين..فماذا يعني هذا الرفض يا إخوان؟
لذلك فالمطلوب شجاعة من المرجعيات الإسلامية المعتمدة، لدى السنّة والشيعة ليقولوا لجماهيرهم من المسلمين، ما هو الموقف من هذه الجرائم الداعشية، فإما أن يتشجع ألاف جدد بالإلتحاق بداعش وخليفتها، أو يتشجع ألاف من جنودها الحاليين بمراجعة عقولهم وتركها وخليفتها ليعودوا إلى جادة الصواب والرشد.
(إيلاف)