أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


خاطرة الموسم

بقلم : مروان الذنيبات
26-10-2014 10:28 AM
حتى اسمها عكس شيئاً من التدمير بالمناقض لعملها .. اذا دخلتها تعبق في انفك رائحة الزيت طريق الذكرى ل ' عجلون' في الوهلة الاولى, و ربوع الكرك , فيافا ,ثم درس عن حيفا كِدت ان تنسى اعراب كلمةٍ فيه .. تسمع فيها صافرات انذار الخير , مُعلنة' حيونة رزقٍ لأخر ..
هناك , في جانب ينبوع الزيت , جلس أحدهم يتأبط قالونين او اكثر , أَملِاً, بعد تضرعه, بحصاده خيرا.. عَلِقَ في منديله شيئا من اوراق الزيتون .. كانت عيناه تروي شقاء الحصاد . فمنذ عشر سنوات وهو يتوعد بأن لا يقطف الزيتون بنفسه.. إلا أنه في بداية كل موسم ينقض العهد ..
كان برفقته وريث الزيت, ولده الذي لم يسرق نظره إلا سيارة فاخرة ينزل منها رجل لا يظهر عليه وعثاء القطاف.. سرعان ما تذكر الصبي قطرة العرق التي نزلت من ابيه على رأسه , عندما كان يجمع لؤلؤات الزيتون المتساقطة بفعل ابيه ,, ثم مرت به صورة سيارة الأجرة التي كان ينتظرها من موسمٍ لأخر ,, يؤخذ مقعده منها بجانب اكياس الزيتون ,, مُتمتماً :
لو يذكرُ الزيتون غارسَهُ
لصار الزيت دمعا
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعا
لكن سهل الريح ,
لا يعطي عبيد الريح زرعا
إنّا سنقلع بالرموش
الشوكَ والأحزانَ... قلعا .............................
صراخ ذلك العامل ترحابا' بالرجل الغريب : ' أهلاً بك سيدي' قطع استرجاع الطفل ,, أدرك الطفل بعدها ان ذلك اللقب (سيد ) لا يُصرف لأيٍ كان . فحين وصولهم الى مسقط رزقهم لم ينعم والده بذلك اللقب .. اصبح الطفل يشعر بغربة المكان و عبر عن ذلك بوقفته جنبا' الى ابيه عِوضاً عن تجواله المعتاد في هذه المدينة المظلمة .
لم يتسنى لصديقنا ان يمارس هوايته في أَخذ إحدى حبات الزيتون المهترئة ليخُطَ بها معلقته السنوية على الحائط , فقد كان يراقب ذهاب الرجل الغريب و إيابه بعيناه الصغيرتان ..و كان مما زاد عداء الصبي للرجل شفقة نظراته التي يَنظُرُ بها اليه ,, مما دفعه ان يتخذ من الرجل عدواً في ارض المعصرة ..
على الرغم من أنه الحصاد الأرذل في عُمر زيتوناتهم , إلا أن فرحة الصبي بدت على وجهه ,, فقد كان حصادهم يفوق حصاد الرجل الغريب .. لكن , تلاشت الإبتسامة بعدما اخبر الوالد الإبن : ان سيارة الأُجرة لن تعود لتأخذهم _ قالها الوالد دون تعليل _ فقد كان صغيرنا يعلم شجع السائق مقارنة بفقر ابيه ..
أيقن الطفل بعدها ان عليهم الوقوف الى جانب الطريق , لعل هنالك من يقصد قريتهم في هذا الوقت المتأخر من الليل .. نزلت دمعة من ذلك الطفل , وذهبت مع قطرات المطر التي بدأت بالتساقط ...

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-10-2014 12:41 AM

جميل جدا استاذ مروان

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012