بقلم : فراس محافظة
19-11-2014 12:14 PM
قبل اكثر من عقد من الزمان قال احد المسؤولين الخليجين معلقا على دعوات لاستخدام سلاح النفط في مواجهة الغرب بأن ( النفط ليس دبابة او مدفعية ) .
اصاب المسؤول الخليجي الى حد ما فالنفط فعلا ليس دبابة او مدفعية , لكنه يوازي مئة الف دبابة ومئة الف مدفعية على اقل تقدير و هذا ما اثبتته حرب الاسعار الدائرة في ميادين الاسواق العالمية والتي لا تقل نتائجها اهمية عن الحروب التقليدية .
الجانب السياسي من القصة لم يبدأ منذ اواخر حزيران عندما هوت الاسعار من مستوى 115 دولا للبرميل كما يعتقد البعض بل هي امتداد لصراعات سياسية على خطوط التماس في اكثر من منطقة ومنها منطقة الشرق الاوسط التي تشهد نزاع نفوذ بين دول عربية وايران دفع بالاخيرة لاستغلال تأثيرها الطائفي لتقسيم المنطقة العربية على هذا الاساس. دول خليجية عدة رضيت الدخول في لعبة عض الاصابع مع ايران وتكبيدها خسائر متلاحقة في موازنتها التي تعتمد على مئة دولار للبرميل على الاقل لكن الانعكاسات السلبية جراء انخفاض الاسعار وصلت الى موازنات الدول الخليجية ايضا وعلى رأسها السعودية التي اعلنت سابقا السحب من مخزونها المالي الضخم والمقدر بمئات المليارات من الدولارات وهي خطوة قامت بها طهران بعد ذلك ولجأت لصندوق ثروتها السيادي الذي يتجاوز حجمه الستين مليار دولار اضافة لاجراءات تتعلق برفع ضريبة الدخل على المواطنين
الخسائر التي تتكبدها جميع الدول المنتجة للنفط على مايبدو انها لم تدفع الدول العربية الخليجية للتخلي عن سياسة وفرة الانتاج والاستجابة لنداءات خفضه وهذا ما يظهر جليا بتصريحات وزراء النفط في تلك الدول بدءاً بوزير النفط السعودي علي النعيمي و مرورا بنظيره الكويتي والاماراتي الذين رأوا ان حالة الذعر جراء انخفاض الاسعار غير مبررة وهو ما يعد مؤشرا على مايبدو ان اجتماع منظمة اوبك الاسبوع القادم لن يحمل جديد فيما يتعلق بموقف هذه الدول العربية من وفرة الانتاج .
اما الجانب الاقتصادي لهذه الاحداث المهمة المرتبطة بالنفط فيمتد ليصل الى معظم مناطق العالم فالاسعار لا تخضع فقط لمعادلات الصراع السياسي وان كانت تتأثر بها بشكل كبير فهناك وفرة بالانتاج من جانب يقابلها انخفاض مستمر للطب العالمي على هذه المادة الاستراتيجية من جانب اخر.
النفط الصخري في الولايات المتحدة لا زال يمد اسواقها وبارتفاع مضطرد بأكثر من مليوني برميل يوميا لتحقق مزيدا من الاكتفاء ومكبدا الاسعار خسائر اضافية كما ان احد الاهداف المعلنة لاستمرار دول كالسعودية بامداد السوق بكميات كبيرة من النفط هو ضرب هذه الصناعة الوليدة في الولايات المتحدة والمعتمدة على سعر 80 دولار للبرميل لتغطية تكاليف انتاجها والحصول على عوائد اقتصادية مفيدة , لتحافظ بذلك الرياض على وضعها المهيمن على سوق النفط العالمي والذي من المتوقع ان يتراجع الطلب فيه الى مستويات اضافية في العام القادم بحسب تصريحات وكالة الطاقة الدولية بسبب ضعف الطلب من الصين التي تعاني من تراجع في معظم مؤساستها المالية
اليابان ثالث اكبر اقتصاد في العالم دخلت مؤخرا ركب الدول التي تعاني ازمات اقتصادية باعلانها هذا الاسبوع انزلاقها رسميا في مرحلة الكساد في الربع الثالث بتسجيلها ناتج محلي اقل من التوقعات الامر الذي خفض طلبها على النفط هذا العام ولتضع بذلك عقبة اضافية تمنع الاسعار من استعادة مكاسبها المعهودة
هذه الاسباب الاقتصادية والسياسية مجتمعة لربما تعطي مؤشرا واضحا ان العام المقبل هو عام انخفاض اسعار الطاقة او على الاقل عام بقائها تحت مستوياتها المعهودة بأقل من مئة دولار للبرميل ليبقى النفط الضحية الابرز لخلاف السياسة وضعف الاقتصاد .