أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مواطن بنكهة مسؤول

بقلم : تمارا سالم الدراوشة
02-12-2014 10:48 AM
يلجأ عددٌ من تجار السلع إلى الغِش بأكثر من طريقة ، واعتمدوا أخيراً على استخدام النكهة التي تبعث رائحة زكية ، تقارب الطعم الحقيقي للسلعة التي يعرضوها ، وغالبا من يشتريها هم الفقراء المعدمون اللذين يبحثون دائما عما كبر وزنه ، وزاد حجمه ، شريطة أن يقل سعره ، حتى لو كان في عمقه وحقيقته فاسدا ، فيقنعوا أنفسهم وبسبب ظروفهم الصعبة على ضرورة التغاضي عن كل ذلك ، متذرعين بروعة النكهة التي يضعها التاجر على سلعته ، ليخفي ما بها من فساد ، والتي غالبا ما يرفض الحيوان تناولها ، وذلك لأنه لا تنجلي عليه خدعة النكهة التي تغطي حقيقة الفساد ، وهذا ما يحصل لدينا عندما نتعامل مع بعض الأطعمة والأشربة .
ويبدو أن النكهة لدينا قد تطورت ، فلم يعد استخدامها مقصوراً على المواد التموينية ، بل تعداها إلى بعض القضايا الإجتماعية والسياسية ، وكأن عقلية التاجرالفاسد، هي ذاتها عقلية ذلك المسؤول اللامبالي، الذي بات يمرر نظرياته وقوانينه علينا ، أياً كانت النظريات أو القوانين ، مستخدماً عدة نكهات وبما يتناسب مع طبيعة كل منطقة ،ويتناسب مع كل طبقة.

وما خدم ذلك المسؤول ، ليس فقط القدرة على ترويج القانون أو النظرية من خلال التركيز على النكهة ، إنما ايضاً خدمه ما يميز المواطن الذي باتت ذاكرته كذاكرة السمكة ، قصيرة الأمد .
ونتيجة لذلك ، اصبحنا نرى مواطن مسحوق لكنه صابر، لأنه يعيش بنكهة مواطن مسؤول ، وتحملنا الفقر والجوع والبطالة ، لأن كل ذلك جاءنا بنكهة الظروف الإقتصادية الصعبة ، وتجرعنا الإرهاب الإجتماعي صاغرين ، فقط لأنه جاءنا ايضاً بغطاء الأمن والأمان .
واصبح لدينا جيل جاهل معدم لكنه بنكهة المثقف المحترف المطلع ، حتى ذلك البدوي القابع في خيمته وسط الصحراء القاحلة الحارقة ، بات يعيش بعقلية الشيخ المتنفذ ، وحتى الموت اصبحنا ننظر اليه بشكل مختلف ، فقط لأنه غُلف لنا بنكهة الحياة .
أما الجماعات الإرهابية المختلفة ، فأصبحت تؤثر وتستقطب مؤيدين لها ، من خلال تغطية اهدافها السوداء بنكهة الإسلام تارة ، وبنكهة الحرية تارة اخرى ، وما خفي عندهم كان أعظم وأظلم .
أخيرا اقول ، إن كنا قد تجرعنا الزيت الفاسد ، لأنه جاءنا بنكهة زيت الزيتون ، أو اكلنا المشاوي الفاسدة ، لأننا سِرنا إليها بسبب نكهة اللحم البلدي التي تفوح منها ، وتجرعنا الفقر والحرمان والتهميش ،لأن الحكومة أضافت إليه نكهة الأمن والظرف الإقتصادي الصعب ، فإنه حتما سيأتي يوم إما أن تفسد نكهاتكم كما فسدت بضاعتكم ، أو يأتي من لا تنطلي عليه خدع ذلك التاجر الفاسد ، أو المسؤول اللامبالي ، وعندها سنقول لكم صراحة (هذه بضاعتكم ردت إليكم).
عاش الأردن قيادة وشعباً وتربا

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-12-2014 12:04 PM

مساء الخير للكاتبه المتالقة دائما والله بطلنا نفرق بين الطعم الحقيقي ونكهة

2) تعليق بواسطة :
02-12-2014 12:11 PM

( وتجرعنا الفقر والحرمان والتهميش ،لأن الحكومة أضافت إليه نكهة الأمن والظرف الإقتصادي الصعب )،
كلام جميل ومقنع , ومن فعل ذلك شخص بنكهة رئيس وزراء

3) تعليق بواسطة :
02-12-2014 10:54 PM

نحتاج إلى مسؤول بنكهة مواطن. بوركت اليد التي كتبت.

4) تعليق بواسطة :
03-12-2014 10:13 AM

السؤال هو هل لعذاب جهنم نكهة يحتملها أولئك الذين اتخمونا بنكهاتهم الفاسدة؟؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012