بقلم : ادهم غرايبة
20-12-2014 03:08 PM
يقال عن ' علي عثمانوف ' أنه أغنى رجل في روسيا . وهو ليس غني المال فحسب بل هو غني بإنتماءه لبلده و إيمانه بها , و يصلح أن يكون ' منجما للوطنية ' من الواجب على اثرياء العالم أن يستوردوا كامل حاجاتهم من الإنتماء منه .
في إستجابة سريعة لدعوة الرئيس الروسي بادر المواطن ' عثمانوف ' لنقل أصول عدة شركات عملاقة يمتلكها في قطاعات حيوية مثل الطاقة و الاتصالات و التعدين و إعادتها لروسيا من الخارج و تحويل حصة وازنة من الاسهم للميزانية العامة للإسهام في تخفيف أثار هبوط سعر النفط الذي أثر بشكل سلبي و كبير على روسيا .
لا نعرف عن عثمانوف الكثير , فقد يكون رجلا عصاميا – مع أن تجاربنا في العالم العربي تقول أن العصامي يصبح ثريا في الحكايات فقط ! - . و قد يكون أحد لصوص حقبة ' بوريس يلتسين ' سيئة الذكر , التي كانت وبالا على روسيا و العالم النامي بأسره . المهم أنه أقدم على خطوة جبارة إيمانا منه ببلده منسجما مع ما يملية عليه ضميره تجاه شعبه ليكون قدوة لأثرياء كثر غيره من الروس .
يقال – و العلم عند الله – أن ' عثمانوف ' هذا قد أشترى ميدالية نوبل من طبيب حاز على الجائزه إضطرته حالته المادية على بيعها و بعد ان دفع له مبلغا عاد و اهدى الطبيب الميدالية ! , لدينا نحن أيضا شيئا شبيها بهذا اذ تشترى شهادات جامعية في تخصصات حقوقية و سياسية و إعلامية و تربوية . و قد لا يتورع نائب أمي على شراء شهادة تختص بمعالجاة النفايات الفضائية من باب ' تلبيسها ' مع شهادته النيابية التي اشتراها هي الاخرى !
تمكني بالإقتصاد يشبه كثيرا تمكن أي نرويجي بعلم العروض ! , لكن ما أنا متأكد منه أن أسعار البترول و صرف العملات و البورصات تتأثر بخطوات شبيهة بتلك التي إتخذها ' عثمانوف '. تصريح ما لرئيس دولة - عليها القيمة - يمكن أن يتسبب بخسائر أو أرباح بالمليارات في سوق المال العالمي . لهذا فإن إتخاذ خطوات ميدانية تثبت إيمان أصحاب رؤوس الأموال بإقتصادر بلدهم و انخراطهم في جبهات المعارك الإقتصادية يسهم في تحقيق المكاسب , و في الحالة الروسية فإنه سيسهم في وقف إنهيار سعر صرف الروبل على أقل تقدير و وقف تسرب الإستثمارات منها بعد ان أعلنت حرب النفط علىروسيا.
في الأردن لدينا ضائقة مالية مستعصية على الحل في ظل حكومات تنهمك في تبرير المشاكل دون البحث عن حلول لها . ليس المصيبة في أنها لا تثبت على حال لا بل انها تتزايد و تتسع يوميا دون أن يبدي أحدا من المسؤولين أي شفقة بحال الموازنة العامة أو أن يبدي رأفة بالمال العام أو أن يتعاطف مع جيوب الناس . يشهد الله أننا لو نظمنا إستفتاء عاما لطرح تسوية تقوم على مبدأ ' اللي فات مات ' و لا نريد من كبار لصوص البلد شيئا و نسامحهم على كل ما سرقوه مقابل الا يسرقوا المزيد , لا أن يشغلوا ما سرقوه في بلدهم ! , لحظي الإستفتاء بما يشبه الإجماع !
لا نطمع – بحكم تكرار الإحباط – أن تنطلق حملة وطنية تستهدف ' مليارديرية ' الأردن كي يوظفوا ' أموالنا التي معهم ' خدمة لهم و لنا , و لو أن مجالات الإستشمار في النقل و الصحة و المياه و الطاقة كبيرة جدا و مربحة و نحتاجها بإلحاح و لا نطمع – لا سمح الله – أن تتفشى حالة ' عثمانوف ' في بلدنا , و لا أن يتم توجيه سؤالا واحدا لكل من الاثرياء مفاده ' من أين لكم هذا ؟ ' فيكون كل جواب كافيا للفصل بين من نهبوا و من تعبوا و ورثوا بالحلال . كل ما نحلم به أن يكتفوا بما كسبوا و بما ' رزقهم به الله ' و ان يكتفوا من ' فضل ربهم ' و ان يبعدوا ايديهم عن ' المنحة الخليجية ' و ان يتكرموا علينا بعدم رفع الأسعار أكثر و أن يعفونا من صفقة الغاز التي من الواضح أن فيها ' هبرة ' دسمة !
بلا 'عثمانوف ' بلا بطيخ . من ' فساد ' بلادك حني خدادك ! .