أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العودة عن الإدّعاء بالإصلاح

بقلم : ياسر المعادات
20-12-2014 06:54 PM
بمجرد هروب طاغية تونس زين العابدين بن علي اثر ثورة الشعب التونسي على طغيانه و استبداده،ارتعشت فرائس باقي طغاة العرب القابعين على صدور الشعوب العربية منذ عشرات السنين فمنهم من سار على خطى بن علي و سقط اثر تحركات الشعوب و منهم من آثر زيادة جرعات البطش و الطغيان ليفتك بشعبه أكثر فأكثر.
في الأردن انتهج النظام الأردني فورا سياسة دعاية إصلاحية ضخمة لم تكن مطلوبة فيما مضى فالشعب مستكين مسالم إلى حد لا ينبغي معه التطرق إلى مثل هكذا مواضيع،تمثلت هذه الدعاية بتشكيل عدد من اللجان الإصلاحية متنوعة الخلفيات و التوجهات بغية الخروج بمشاريع إصلاحية سياسية و اقتصادية و اجتماعية دون المساس بهيمنة النظام على اغلب مفاصل مؤسسات الحكم في الأردن،و بالفعل تم إنجاز بعض المشاريع 'على الورق' جنبا إلى جنب مع ضغط الشارع الأردني المنتفض رغم كل وسائل القمع التي استخدمها النظام بحنكة سيطر عبرها على رتم الشارع و انتفاضته.
كان من الواضح للعيان بأنّ دعاية النظام الإصلاحية جاءت كرد فعل على الواقع الجديد الذي فرضته الأحداث في الدول العربية أملا منه في احتواء الأزمة العاصفة و الخروج منها بأقل الخسائر،و هو ما كان حيث خفة موجات الاحتجاج التي اجتاحت بعض الدول العربية و لم تمتد لتشملها جميعا كما كان متوقعا لأسباب كثيرة لسنا في سياق طرحها أو نقاشها اللحظة،و عليه لم تتطور الاحتجاجات في الأردن إلى بوادر ثورة محتملة خصوصا بعد وصول الأمور في سوريا الجارة إلى ما يشبه المستنقع الذي وفر الفرصة لظهور التيارات المتطرفة التي تقاتل إلى جانب النظام السوري المستبد أو ضده ناهيك عن الهزيمة الساحقة التي منيت بها الثورة المصرية و عودة دولة الاستبداد قوية أكثر مما مضى هناك،و هي أمور أدت إلى انقسامات شديدة في الشارع الأردني خصوصا و أن ولاء أغلب الأحزاب العاملة في الساحة الأردنية و المتصدرة لحراك الشارع خارجي أكثر منه وطني أردني فتحكمت الولاءات الخارجية بمواقف هذه الأحزاب مساهمة في شق صف الشارع الأردني.
بناء على ما سبق لم يعد النظام مجبرا على السير في دعايته الإصلاحية أكثر فالخطر قد زال و لا داعي إلى السير في مثل هكذا دعاية كون المسئول الأمريكي عن رعاية النظام الأردني و حمايته غير معني كثيرا ببرامج الإصلاح أو التمكين الديموقراطي في بلد يجاور الطفل المدلل الإسرائيلي مما قد يشجع على نمو نزعة كراهية تجاه هذا الكيان و لما لا توسعها،فاتخذت الخطوة تلو الأخرى لنقض أي وعود إصلاحية كان تم قطعها فتم توسيع صلاحيات المحكمة العسكرية 'أمن الدولة' عبر التحايل على القانون المدني و التوسع في مفاهيم كالإرهاب الذي تم سن قانون مسخ له ينتهك كل الحريات و الحقوق المدنية،إضافة إلى توسيع صلاحيات الملك العسكرية التي كان من المفترض أن تقلص،ناهيك عن رفع الأسعار و التلاعب العلني بتسعير المشتقات النفطية التي تم تعويمها لتمثل كغيرها من القضايا فساد علني يصل حد الوقاحة،لتأتي الطامة الكبرى مؤخرا بالإصرار الحكومي على توقيع اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني رغم الرفض الشعبي للاتفاقية المشئومة مدعم حتى برفض من مجلس النواب الهزيل أصلا تتويجا للنهج الجديد من الفساد و الاستبداد العلني غي الآبه لأي صوت معارض.
على الرغم من كل ما تروج له جوقة الأقلام المأجورة فإن إصلاحا حقيقيا يشعر به المواطن الأردني لم يتم و لا يبدو أنه سيتم في القريب العاجل حيث لا شارع ضاغط اليوم كما كان في الأمس و لا جوار شعبي منتصر يثير قلق النظام و يحفز فيه الرغبة لأي مشاريع إصلاحية وطنية،و إن لم تتدارك القوى الوطنية بمختلف تياراتها هذا الأمر فإننا نسير بخطى ثابتة نحو حكم استبدادي أكثر شراسة من أي وقت مضى.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-12-2014 10:07 PM

نعم 100 % اتفق معك ايها الكاتب واؤكد على ما ذهبت اليه في اخر مقالتك " و إن لم تتدارك القوى الوطنية بمختلف تياراتها هذا الأمر فإننا نسير بخطى ثابتة نحو حكم استبدادي أكثر شراسة من أي وقت مضى. " انتهى الاقتباس

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012