|
|
هل الوطن العربي في طريقه الى الانهيار؟؟؟.
بقلم : العميد المتقاعد فتحي الحمود
28-12-2014 10:37 AM 'أنا منذ خمسين عاما اراقب حال العرب.وهم يرعدون ولا يمطرون... وهم يدخلون الحروب ولا يخرجون... وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون...اذا اعلنوا ذات يوم وفاة العرب...ففى اي مقبرة يدفنون؟ ومن سوف يبكى عليهم؟ وليس هنالك حزن وليس هنالك من يحزنون.'( منقول ) .
و لكن قبل البدء بكتابة مقال مثل هذا لا بد من العودة الى ' مقدمة إبن خلدون ' , أبي علم الاجتماع و الذي ربط بين علم الاجتماع و علم الاقتصاد نظرا لترابطهما الشديد و تأثيرهما ببعضهما البعض . تتلخص نظرية إبن خلدون بأن الدولة أية دولة لا بد لها أن تمر في 5 مراحل ما بين النهوض و الأفول ألا و هي :
الطور الأول: طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع، والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب، وهي لم تزل بعد بحالها.
الطور الثاني: طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة.ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك، لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، الضاربين في الملك بمثل سهمه.فهو يدافعهم عن الأمر ويصدهم عن موارده ويردهم على أعقابهم أن يخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه الطور الثالث: طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج، وإحصاء النفقات والقصد فيها، وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة، والامصار المتسعة، والهياكل المرتفعة، وإجازة الوفود من أشرف الأمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله. هذا مع التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه، واعتراض جنوده وادرار ارزاقهم وانصافهم في اعطياتهم لكل هلال، حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في ملابسهم وشكتهم وشاراتهم يوم الزينة.وهذا الطور آخر أطوار الاستبداد. الطور الرابع: طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما لأنظاره من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه. ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر بما بنوا من مجده. الطور الخامس: طور الإسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، واصطناع أخدان السوء وخضراء الدمن، وتقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها، ولا يعرفون ما يأتون ويذرون منها، مستفسدا لكبار الأولياء من قومه وصنائع سلفه، حتى يضغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته، مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم. وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه...أي أن تنقرض.(المقدمة) واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور كل المقولات والمفاهيم ا'لخلدونية'. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية). وفي غمرة انطلاقته العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعه على العصب الحساس والرئيس، وان لم يكن الوحيد في تطور (العمران البشري)...ألا وهو الاقتصاد: و لندخل معا الآن الى وضع الاقتصاد العربي بعد كل هذا الدمار و الخراب و القتل في كل من ( سورية , العراق , مصر , اليمن , ليبيا , فلسطين , لبنان , و الصومال ).و لا بد من المرور على معلومات تفيد المقال لغايات المقارنة و لمعرفة دوافع الافعال و ردودها . هناك انهيار اقتصادي لا محالة بحسب خبراء و اقتصاديين بعد انهيار اسعار النفط بشكل دراماتيكي و سريع و هناك اصرار من الاوبك و السعودية تحديدا أنها لن تخفض انتاجها حتى و لو وصل سعر البرميل ل 20 دولارا امريكيا .فالمسألة باتت مسأل تكسير عظم و دعونا أولا نلقي نظرة على اقتصاد أهم الدول العربية المصدرة للنفط و إيران و بعض الدول المستفيدة من ثروات هذه الدول مثل مصر و الأردن .
لم يتوقع أحد في دول الخليج هذا الانفجار، الذي يشبه انفجار بركان فيزوف، ويدمر الجميع، فالقادم هو الأسوأ. كم رموا وبذرّوا الأموال على قنوات التلفزة، ورشوة الشخصيات المهمة في الغرب , و صفقات السلاح الخيالية ، , واقتناء الأشياء , و البنى التحتية المغشوشة , و شراء الطائرات المدنية و غيرها بإسراف، و تبديد , و تبذير معتقدين بان الحال سيدوم و لم يحسبوا حسابا للأيام السوداء . من الآن كل هذا سيتغير، وهذا هو الخراب بالنسبة لهم. هذه الأمور ستزداد وضوحا خلال الشهور القريبة، بعد أن صفى' الربيع العربي' دولا عربية بأكملها ، وغيبها لأجيال، يأتي الآن' ربيع النفط' ليصفي أيضا الدول التي تبقت'. و هنا يكمن الخوف و القلق على مستقبل الوطن العربي بشكل عام و على دول عربية محددة بشكل خاص . فأسعار النفط بلغت ذروتها في العام 2008 ,عندما وصل سعر البرميل 147 دولارا، ليسجل الآن 57.8 دولارا فقط.
فالعالم تغير وقوة التأثير الهائلة التي ميزت الدول النفطية توشك على التلاشي، وقد يستغرق ذلك بضعة سنوات قليلة ، و السبب يكمن في أنه لم تعد هناك مشكلة في مصادر الطاقة، بعد أن حولت تكنولوجيا الصخر الزيتي الوﻻيات المتحدة الأمريكية لأكبر مصدر للنفط في العالم، منذ مطلع العام الجاري 2014.
والعالم تجاوز الآن مرحلة الطاقة ودخل مرحلة الابتكار والتطور التكنولوجي الفائق، مما سيعجل بنهاية الدول العربية، و سيقفز بدولة الكيان الصهيوني للقمة, و دليل ذلك أن دولا كانت تتحاشى التقرب من دولة العدو الصهيوني مثل الهند و الصين و كوريا بسبب النفط العربي تسارع اليوم بالتقرب من دولة الاحتلال بسبب تقدمها التكنولوجي و البحث العلمي و هو بالطبع اكسير الحياة بالنسبة لها .
إيران ...هي من اكثر الدول في المنطقة تضررا من تهاوي أسعار النفط ...فلقد قدمت حكومة طهران للبرلمان في السابع من الشهر الماضي ميزانية سنوية بقيمة ( 293 ) مليار دولار على اعتبار أن سعر البرميل الواحد كان ( 72 ) دولارا حيث كانت تبيعه للهند و الصين بهذا السعر . سعر اليوم هو 55-60 دولارا و هناك توقعات بانخفاضه الى مستويات تقارب ال 40 - 45 دولارا خلال العام 2015 , و يعلم الله كم سيكون عليه في العامين 16 و 17 !!!! و من المعروف بأن إيران تصدر يوميا ما بين 1.2 مليون الى 1.5 مليون يوميا . فما الذي ستفعله إيران لتعويض الفرق و هو (15 ) دولارا مضروبة ب 1.5 مليون و هذا يساوي خسارة (22.5) مليونا يوميا مضروبة بعدد أيام السنة و تساوي ( 8.2 ) مليارات سنويا فقط لا غير .
وعلى خلفية العقوبات وتهاوي أسعار النفط ستضطر طهران لإلغاء الدعم، وفرض مزيد من الضرائب، لذلك من المتوقع حدوث هزات اجتماعية، طائفية وسياسية هائلة. من وجهة نظر النظام يمثل هذا كارثة قائمة. ويقول خبراء اقتصاد إنه حال ثبت سعر النفط عند 60 دولار، فسوف تضطر إيران لتقليص نحو خمس نفقاتها. لذلك حتى إذا ما رُفعت العقوبات، ستظل إيران في أزمات واقعة.
وسوف يؤثر ذلك أيضا على أطراف إقليمية ترتبط بشكل أو بآخر بإيران،كسوريا , حزب الله، حماس ,الجهاد الإسلامي، والشيعة بالعراق، ما يعني أنه كلما تقلص تأثر طهران بالمنطقة كلما انهار تأثير الشيعة. كذلك جاذبية إيران في عيون أوروبا والغرب بشكل عام تنخفض تدريجيا، لذلك فإن فرص التوصل لمعاهدة نووية تقلصت كثيرا .
و سندخل الى الطرف الثاني من معادلة النفط و نبدأ بالشقيقة السعودية و التي ورطت نفسها في اكثر من مكان ...فأدخلت السعودية صندوق التوفير العربي في نوبة إغماء خطيرة حيث ان 90 % من دخلها من النفط على أساس أن ثمن البرميل هو ( 84 ) دولارا . و غير ذلك يدخلها في عجز مالي صعب ليس سهلا التغلب عليه لأن الفارق كبيرا و هو يساوي تقريبا ( 27 ) دولارا للبرميل الواحد فالخسارة السعودية مضاعفة تقريبا و هذا سيؤثر سلبا على من تقدم لهم مساعدات من فائض موازنتها و بالامس قرأت رقما خياليا لم أعد أذكره كعجز في موازنتها للعام القادم .
و يرى بعض المحللين الاقتصادين بأن السعودية أنفقت على المعارضين السعوديين وحدهم منذ العام 2012 مبلغ ( 250 ) مليارا لاستمالتهم و تحاشي الدخول في لعبة ' الربيع العربي ' و وتفاديا لتداعياته و هذا من حقها طبعا , حفاظا على أمنها الوطني مهما كان ثمن ذلك . و يقال انها اتخمت القطاع الخاص ب ( 15 % ) من الانفاق الحكومي على القطاع الخاص و دفع رواتب لمليوني عامل ليحافظوا على الهدوء في المملكة و هو ايضا عمل جيد للحد من البطالة و الفقر اللذين يعتبران سببين مهمين للتطرف .
كذلك أوجدت السعودية (60) ألف فرصة عمل بالأجهزة الأمنية لتعزيز النظام و ' اغراء ' الشباب ذوي الطاقات المحدودة. وتحولت السعودية بفضل سعر نفط يتراوح بين (100- 120) دولارا للبرميل خلال السنوات الماضية إلى رابع أكبر مستورد سلاح في العالم، بإنفاق بلغ 67 مليار دولار في 2013. و قد يتساءل البعض لماذا لا تقوم السعودية بخفض انتاجها . و للاجابة على ذلك علينا ان نعرف أنه في حال تمسكت باسعارها فإن لاعبين جددا سيدخلون على الخط و هم : كندا , المكسيك , البرازيل , كينيا و أوغندا فتخسر زبائنها حتما , خاصة و أنها خسرت أميركا كزبون مفضل كونها الدولة الاكثر استهلاكا للطاقة في العالم . و هنا علينا أن نعرف بأن منظمة ' الأوبيك ' كحلف احتكاري للنفط جثم على صدر العالم لفترة قاربت الأربعين عاما من دون رحمة وشفقة قد فقدت زمام المبادرة في عملية تسعير النفط ....و هذا لا شك ينصب في مصلحة الدول الفقيرة , و نحن في الأردن منها و نأمل أن ينعكس هذا الانخفاض الكبير ايجابا على اسعار الكهرباء و كل ما له علاقة بارتفاع فاتورة الطاقة - كما تدعي الحكومة - ممثلة برئيسها و وزير صناعته و تجارته الذي ترك المواطن فريسة لاحتكار التجار و جشعهم !!!!!
وستبدأ الولايات المتحدة التي توفر تقريبا كامل الطاقة لنفسها، في البيع خلال العام القادم وخلال عامين أو ثلاثة ستنافس السعودية كمصدر عملاق ( الآن وبسبب تشريع من السبعينيات يحظر على الأمريكان تصدير النفط، لكن يتوقع تعديله في القريب) سيكون من مصلحة أمريكا إضعاف السعودية على هذا الصعيد تحديدا مع انها المستفيد الأول من صفقات السلاح السعودي و الخليجي .
و تدرك السعودية أنه إذا ما تزايد التهديد الشيعي بقيادة و توجيه من إيران فإن هذا الأمر سيكون كارثيا على السعودية و باقي دول الخليج العربي ...و هناك مؤشرات تدل على ذلك . فلقد بدأ المستثمرون الكبار مغادرة المنطقة و أدى ذلك إلى إنهيار بورصة السعودية ب ( 25 % ) , و 31 % في دبي حيث غاصت البورصة فيها و في يوم واحد ب ( 7 % ) - 11 / 9 / 2014 . و حتى نختصر فلقد سحق ( 150 ) مليار دولار في شهر تشرين أول المنصرم في البورصات الخليجية .على الرغم من محاولات الامراء و الشيوخ انقاذ ما يمكن انقاذه !!!!
*************************
أدركت قطر الصغيرة قبل عامين بعكس السعودية ضرورة تنويع مصادر دخلها، وبالفعل طورت نوع من صناعة السياحة، وتزايدت أعمال شركات الطيران، والمؤسسات المالية. لكن من سيهتم بالمجيء لقطر إذا لم تكن هناك علاقة بالطاقة؟؟؟ صحيح أنها تشتري اليوم السياح بأسعار منخفضة وإغراءات اقتصادية و لكن إذا لم يكن هناك دخل من الطاقة ماذا سيحدث؟.
أسرة آل ثاني التي تنتمي قطر إليها، أعدت صندوق بـ 100 مليار دولار، تنفقها على عمليات شراء محمومة بأوربا، خاصة ببريطانيا، من خلال الصفقات والتجارة والعقارات، لكن هذه أعمال أوربية ,وليست قطرية، وعندما يتضح أنه لم يعد لدى الدوحة الكثير من المال كما ظنوا، سيبدأ كل هذا في الانهيار. سيتهم البريطانيون قطر بالإرهاب، أو شيئ من هذا القبيل، ثم يقومون بتأميم الأصول، مثلما فعلوا مع إيران و غير إيران مثل ليبيا و العراق . قطر تُسَمِن كل ما يتحرك من المنظمات الرياضية، والسياسية، كذلك تستثمر أموالا طائلة في شبكة الجزيرة العربية والإنجليزية والجزيرة أمريكا.
****************************************
أما عن الشقيقة الكبرى مصر فيقول المحللون الاقتصاديون ، إذا ما كانت السعودية أصيبت بنزلة برد فإن مصر تحتضر. فالدولة التي يبلغ تعدادا سكانها نحو 85 مليون نسمة تفتقر لمصادر دخل حقيقية. تتعافى السياحة، لكن ببطء، وتتلاشى مصادر الطاقة الذاتية، وقناة السويس حتى بعد توسيعها، لن تمثل مصدر دخل كبير ( الآن 5 مليار وبعد التوسيع يأملون أن يتضاعف الرقم). وتعيش مصر الآن على منح السعوديين، بنحو 10 مليار دولار في العام، فقط لأنها ضد 'الإخوان المسلمين'. و لكن إن كانت الرياض نفسها تعاني من انهيار اقتصادي فسوف تقلص أولا المساعدات الخارجية. ووقتها كيف سيعيش المصريون؟. و قد انعكست نظرية الغاز فبعد أن كانت تصدره الى كل من الأردن و دولة الاحتلال الصهيوني أصبحت بحاجة للغاز الصهيوني و مثلها الأردن !!!!! هذا و تمول السعودية صفقات سلاح ضخمة لمصر مع روسيا، وللبنان مع فرنسا، ومرة أخرى، سيتم تقليص هذا التمويل. كذلك هناك الكثير من الأضرار غير المباشرة ستنعكس على هذه الدول المصدرة للسلاح، وبالطبع، انعدام الاستقرار الأمني. هذا بالاضافة الى دعمها لحركات سورية مسلحة تقاتل النظام و ساهمت في تدريبها و تجهيزها ....وهذا شيء معروف و مكشوف و لم يعد سرّا .
العراق و سورية:
و مع توسع رقعة الحرب الاهلية في العراق الذي يعيش فقط على النفط، فسوف يتعذر على النظام الشيعي الحاكم الانفاق على الجيش الكبير الفاسد والمدلل و الطائفي و الفاسد الذي أقامته أمريكا. وهو ما يعني أيضا تزايد قوة 'داعش'، ذلك التنظيم الذي يعيش أيضا من النفط، لكن احتياجاته ليست كبيرة ...و أمام العراق على الاقل 100 عام لعودة الحياة الى طبيعتها التي كانت تعيشها في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين قبل الاحتلال الامريكي في العام 2003 م . و حال العراق و المصيبة التي حلت عليه تحتاج لمجلدات و هي نفس حال سورية المنكوبة بويلات كثيرة لا يمكن تلخيصها في مقال بحثي قصير و هي ايضا بحاجة ل 100 عام للعودة الى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة السورية في شهر آذار 2011 . فكم تريليونا تحتاج كل من العراق و سورية لإعادة بنائهما و تأهيلهما من جديد - هذا في حال بقائهما على قيد الوجود - ؟؟؟. و من أين ستحصل هاتان الدولتان على كل هذا المال ؟؟؟خاصة بعد كل ما ذكرناه عن إيران و السعودية و دول الخليج . و هذا ما أسميه دائما ب ' الدمار الكبير ' و العطل الذي لا يمكن إصلاحه . فالبلدان الجاران بحاجة الى إعمار شامل بعد هدم و تنظيف الدمار الهائل !!! و لا أظنني بحاجة لتعرفيكم بما تشاهدوه يوميا على محطات التلفزة عن السودان و اليمن و ليبيا و الصومال . ************************************ و ماذا عنا نحن هنا في الأردن ؟؟؟ هذا سؤال كبير أضعه أمام المسؤولين و صناع القرار و أذكرهم بأن هذه المساعدات التي نتلقاها سنويا من اميركا و السعودية و بعض من دول الخليج ستتوقف في يوم ما . فماذا نحن فاعلون ؟؟؟ ماذا نحن فاعلون بعد توقف المساعدات بعيدا عن العاطفة و المزايدات الرخيصة ...فأنا لا أزاود على وطني مهما كانت الظروف حتى و لو اضطررت للتبرع براتب تقاعدي كاملا و هو راتب يعيل 8 افراد !!!! إنهيار العالم العربي اقتصاديا و بالتالي اجتماعيا و سياسيا سيجعلنا نقف في الصف الاخير من دول العالم لأسباب معروفة و هذا سيؤثر علينا سلبا الا اذا قمنا بمنع الانهيار عن طريق استغلال كل ما هو في باطن الأرض و لدي معلومات بأن الأردن يسبح على بحر من المعادن المختلفة و الصخر الزيتي و فيه الآف الاماكن السياحية التاريخية و الدينية . يرافق كل ذلك اصلاحات سياسية من اهمها ممارسة ديموقراطية حقيقية و قانون انتخاب مناسب و مكافحة الفساد من دون رحمة و شفقة و تطبيق القوانين و الانظمة على الجميع بحزم و عدل , و تسريع عمليات التقاضي في المحاكم النظامية و الشرعية ...و الابتعاد عن الشللية و المحسوبية في توظيف اصحاب الكفاءات العلمية كل في مجاله , و العمل على تحديد استراتيجية وطنية للتربية و التعليم و التثقيف و الصحة و الخدمات و غير ذلك كثير . أما اللجوء الى جيب المواطن فهو خطيئة كبرى ترتكبها الحكومة لأن الإقتراب من لقمة المواطن سيفجر ثورة شعبية عارمة و سينقسم الناس في وطني الى فئات و تجمعات صغيرة تماما مثلما حصل لدى جيراننا و لكن تحت مسميات أخرى الكل يعرفها أكثر مني ....و بعد ,
لنفترض بأن إيران ضايقها هذا الأمر و ركبت رأسها و قامت بقصف دول الخليج بصواريخ بعيدة المدى و اعتمدت قاعدة ' عليّ و على أعدائي يا رب ' , و ردت عليها دول الخليج بالمثل و لربما هذا الامر سيدعو الى تدخل كل من روسيا و اميركا بشكل مباشر - مع انني أشك بذلك - فنحن إذن نقف على أبواب حرب عالمية ثالثة سنكون نحن و إيران وقودها و ستتحول المنطقة الى جحيم حارقة تأكل في طريقها الاخضر و اليابس و لا تبقي حجرا على حجر ...هذا اذا لم تقم كل هذه الدول باتخاذ اجراءات تمنع وقوع ذلك . لا أريد أن اتطرق هنا الى ما قاله رئيس عربي و حزب الله حول هذه المسألة بالذات !!!!!
***************************************************************
وخلاصة القول أنهم قاموا بتدمير العراق و سورية و مصر و اليمن و ليبيا و تونس و فلسطين فلم يبق في الساحة الا الأردن . و بالتالي فإن مخطط برنارد لويس سيتحقق بالكامل .... و هي مسرحية تنفذ فصولها فصلا فصلا و بحسب خطة مرسومة من قبل دول الاستعمار القديم و الحديث , و هاهي كراهية المسلمين بعد ان تكالبت علينا الامم فاصبحنا امة مكروهة بسبب ما فعلناه بانفسنا و دور الاسلام المتطرف في تعزيز كراهية كانت مخفية الا انها ظهرت بشكل يندى له الجبين . بدأت تطفو على السطح في القارة الاوروبية العجوز . و اكثر ما يحزنني في مستقبل المنطقة برمتها و في غياب الحلفاء الحقيقيين فإن دولة الكيان الصهيوني ستكون الدولة الاهم و الاقوى في منطقة الشرق الاوسط و هي من سيحكم و يتحكم في مقدرات المنطقة بسبب ضعفنا و فرقتنا خاصة و اننا محاطون باعداء الامة العربية من كل جانب و اصبحنا مكشوفين لهم من كل الجهات . أعداء الأمة العربية اليوم هم أعداؤها بالامس القريب و البعيد و سيظلوا اعداء لنا على مدى التاريخ تعود لأحقاد تاريخية متأصلة في النفوس لم يمحها و لن يمحوها الزمن !!! هل نحن جاهزون لكل ذلك ؟؟ أرجو ان نكون في مستوى الاحداث القادمة و علينا أن نتذكر أنه بالوحدة الوطنية بين أبناء الشعب و المجتمع الواحد فقط نستطيع مجابهة كل التحديات المستقبلية أيا كانت و أننا جميعا نقف خلف قواتنا المسلحة - الجيش العربي صفا واحدا قويا منيعا لا يمكن اختراقه من قبل ضعاف النفوس و مرضى الضغينة و الاحقاد . فهل من مجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
************************* ملاحظة مهمة للغاية : كل ما جاء في هذه المقالة ليس المقصود منه الاساءة لأحد كائنا من كان و خاصة الاشقاء العرب . و جل ما أتمناه على الصعيد الشخصي أن لا يحدث شيء من كل ما ذكرت ....إلا أن الألم و الاسى على واقع الامة دفعاني لكتابة هذه المقالة منبها و محذرا و لست أعلم منكم و لا أعرف منكم بشؤون الدنيا . فأرجو أن لا يساء فهم ما كتبته و أتمنى على المتداخلين و القراء الكرام أن لا يخرجوا عن الموضوع الاساس فنحن جميعا نحب لا بل نعشق امتنا العربية و لا نتمنى لها الا كل الخير و التوفيق مثلما نعشق الوطن و نفتديه بالمهج و الارواح و الغالي و النفيس . و نتمنى أيضا أنها مجرد ' غمامة ' مارة فوق سماء الامة سرعان ما تزول . و يظل السؤال الكبير يطرق رأسي ليل نهار : لماذا لا يتحد العرب في وحدة كاملة أو اتحاد و بالتالي فإنهم سيتخلصون من جميع مشاكلهم و لن تستطيع أي قوة مهما كانت أن تنهي أمة ماجدة عريقة عمرها 6000 عام , أمة كرمها الله تعالى بالاسلام و كرم الاسلام بها حيث حملت الرايات الاولى لنشر رسالة الحق في جميع أرجاء الدنيا ؟؟؟ لماذا , لماذا , لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟ ليتني اجد جوابا مقنعا فأريح و أستريح !!!
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|