أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


(هدى) على مسارح (عرب وود)

بقلم : د. علي المستريحي
10-01-2015 10:23 AM
العاصفة 'هدى' أعطتني سانحة (ربما هي نادرة لم تتكرر لسنوات) لأن أقضي ساعات مع أسرتي الصغيرة في الصالة الضيقة التي تحاصرها غرف البيت من كل اتجاه .. وخطر ببالي وكأن ابنتاي يتعرفان عليّ عن قرب لأول مرة !! ولو استمرت زيارة 'هدى' لأسبوعين، لوجدت نفسي أحضر حقيبة المدرسة وأملؤها بكتب الأطفال والقصص والألوان المائية وأقلام الرصاص استعدادا للذهاب معهما بأول أيام العودة للمدرسة !!
عالم 'هدى' عالم وهمي غريب !! فقد أحسست أنني أصبحت فردا من أسرة 'كراميش'، وأتابع رحلة باربي (اليكسا الأميرة) في بلدة الخيال، وانتظر عودتها دون يأس أو ملل!! وتبهرني القدرات الخارقة لـ (سبونج بوب) ! لم يخطر ببالي يوما أن أجلس لأكثر من ساعة أغرز أصابعي بصحن (البوشار) العميق وعيناي تتعلقان بشغف (السيف والوصية) !!
ومع أن عالم 'هدى' عالم تملؤه الغرابة والخيال، لكن أمرا واحدا ظل عصيا على أن يدخل عالمها الغريب .. أبى إلا أن يبق حقيقة مرة أقسى من برد 'هدى' .. أبى إلا أن يقف ثائرا يعصف بمخيلتي بصمت وان جلست 'هند' وسكنت رياحها .. أمر غاب عن توقعات (محمد الشاكر) و (طقس كل العرب) .. أمر أغلى من كنوز (هرقل) العجلونية الضائعة، وأغلى من مليارات العرب المهدورة التي قدموها قربانا لعامهم الجديد .. أمر أهم كثيرا من متابعة المسطولين لنجوم (عرب وود Arabwood) المحاربين الصامدين منهم والساقطين على مسارح منتصف ليل العرب منتشين ثمالة نصرهم على المجهول .. ذاك هو أمر بعض من سُلخوا عنوة من أجسادنا: 'معاذ الكساسبه'، 'ابراهيم الجراح'، 'رائد زعيتر' !!
بعدهم لن يهمني إن بقيت 'هدى' في بيتي أو رحلت .. أثلجت أو أمطرت .. ولن أترك لخيالي أن يعيدني طفلا أحمل حقيبتي على ظهري وأذهب للمدرسة مع أطفالي، طالما لا يوجد لمثل هؤلاء درسا عن البطولة بكتب القراءة والنشيد .. وطالما لا يدخل مثل هؤلاء قاعات (التوجيهي) من زاوية الإنشاء والتعبير .. لن أعود لمدرستي طالما حملت (حراما) بعض الشوارع المؤدية لها أسماء من هدموا المدارس، وحملت (حراما) بعض مبانينا أسماء من مصّوا باطن الأرض و(شفطوا) غيم السماء وعلكوا الشجر والحجر من الفك الى الفك .. لن أعود لمدرستي حتى أرى من سُلخوا عنوة من أجسادنا يولدون من جديد من رحم كل حرة نشمية، يبرعمون ويزهرون بكل نبتة وطنية، يُزرعون كالقمح بكل شبر من أرضنا الأردنية ..! لن أعود لمدرستي حتى ألقن 'هدى' قبل رحيلها نشيدا أردنيا تحفظه وتشدو به على مسامع المسطولين منا الرابضين المرابطين في مسارح (عرب وود) لربما يصحون من غفلتهم !!

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012