|
|
هل يكون لهم ما أرادوا ؟
بقلم : جمال الدويري
08-02-2015 08:29 AM وقف النقيب طيار معاذ الكساسبة, ابن الأردن البار وشهيد الواجب الوطني المقدس, بكل عزة الأرادنة وكبريائهم وشموخ هاماتهم, أمام كل الجبن المقنع والخسة المنقبة المرتجفة, والعيون المجهولة الزائغة من الدواعش, وواجه قدره برجولة عز نظيرها وقامة شاخصة الى أبعد المدى والسماء. ما انحنى معاذ ولا استجدى, ما خاف ولا تردد, ما نكص ولا ارتجف, طالما كان واعيا وسيدا لإرادته وعقله وجسده, وطالما كان في عروقه بعضا من حياة وفي صدره بعض نبض. لقد استشهد معاذ الكساسبة, مؤمنا وصقرا نشميا أردنيا, واعيا لمسؤوليته مقدرا لدوره الوطني الكبير الذي حمله باقتدار وجدارة حتى آخر لحظة في حياته. لقد ارتقى معاذ الى بارئه ومقامه الذي وعده في عليين, وسقط في نفس اللحظة كل أولئك الذين طوقوه بحقدهم ووحشيتهم وجبنهم, مدججون بالسلاح وأدوات الموت. سقطوا ما دون السقوط العقدي والأخلاقي والفكري والإنساني, بفعلهم الجبان, وهم الذين يدّعون الإسلام دون مراعاتهم لتعاليم الإسلام والعقيدة ولا عهودها ومواثيقها. وما زال الأرادنة في حزنهم, وما زالوا في غضبتهم, وما زالوا في صدمتهم, وما زالوا يواجهون صورة شهيدهم وابن جلدتهم معاذ الكساسبة الأخيرة, صابرين محتسبين ملتفين حول وطنهم وجيشهم وزملاء شهيدهم في سلاح الجو وباقي مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية. أما وقد أدرك الأردنيون معاني رسالة هذا التنظيم الإرهابي البغيض, فقد كان لهم من عيهم وإدراكهم ما فوت على قتلة معاذ ومن خلفهم, ما أرادوا من شق الصف وبعث الفتنة واختلاف الإعتقاد والأداء. فإننا ونحن نقف وراء قواتنا المسلحة وصقور سلاح الجو بلا تحفظ او تردد, بكل ما يرونه مناسبا للرد على الإرهاب والإرهابيين وقتلة الأسرى, فإننا وبنفس القوة والحزم نحذر من استغلال هذه الثورة الوطنية الوجدانية, والتضامنية مع وطننا وابن وطننا وجيش وطننا, لجرّ الجميع الى صدام مسلح على الأرض, لا يمكن لعاقل معرفة نهايته ولا ما يواكبه من دمار وموت. حمل الأردن وشعبه وهو في المهد صبيا, هموم الأمة وتبعات كوارث اجتهاد قادتها وصبيتها ومغامراتهم العسكرية, وأثقل كاهله بسبب هوسهم هذا, تحركات رمال أقطارها الديموغرافية العابرة للحدود, من المحيط الى الخليج وعلى مدى عقود طويلة, وما زال يحمل ما لا طاقة له به من هذا وغيره, الا ان هذا لا يعني ان بالضرورة دخول هذه الحرب التي تدفعنا اليها بقوة وتسارع كبير جهات كثيرة ليست أولها هذا التحالف الدولي الذي يبرر تردده وضعف أدائه الشكوك بأهدافه المعلنة والسرية من الحرب, وما إذا كانت هذه الأهداف تقترب من أهدافنا الوطنية واهتماماتنا المشروعة او تشترك معها بما يقنعنا بضرورة دخولنا هذا التحالف أصلا. مضافا الى ذلك, أن اللجوء الوافد بتواتر منذ سنوات كثيرة للأردن والذي تعدى الملايين, قد يشكل عنصر مفاجئة غير حميدة في حالة الحرب المفتوحة التي ندفع اليها. إن ما شاهدته وسمعته وسط عاصمتنا الحبيبة اليوم الجمعة, وعلى وسائل الإعلام, ليعطي إشارات واضحة بأننا بتنا نحث الخطى نحو المواجهة, تحت الإعتقاد الرسمي بأن الشعب الأردني قد بات لا يعارض هذا التوجه. ثم وبعد ان هشّمت حروب الربيع العربي معظم جيوش دول الطوق وأدخلتها في صراعات داخلية لا تنتهي, فقد يسيل لعاب العدو الصهيوني ومن يعضده أن يرتب ويدفع بقوة الى توريط الأردن المعافى عسكريا في مثل هذه الحرب, من أجل تنفيذ مخططاته وتحقيق أهدافه المتوسطة والبعيدة المدى, ويوصلنا قريبا للقول النادم, لا سمح الله: وكان لهم ما أرادوا.
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|