نؤكد على معارضتنا للمفاعل النووي
بقلم : فريق ركن متقاعد موسى العدوان
20-02-2015 11:12 AM
موسى العدوان
تحت عنوان : ' ليس دفاعا عن المفاعل النووي الأردني ' كتب الأستاذ بلال حسن التل مقالة في صحيفة الرأي يوم الأحد 22 / 2 / 2015 مبديا بها تعاطفه الشديد مع رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان ، حول مفاعله النووي الذي يخوض معركة للدفاع عنه وتسويقه .
ولمن فاته الاطلاع على تلك المقالة فإنني سأقتبس منها الفقرتين التاليتين : ' . . . أن شريحة كبيرة من الأردنيين تعارض المشروع دون أن تلم بتفاصيله ، بل وحتى دون أن تحاول الاطلاع على هذه التفاصيل المتاحة للجميع ، مهما كانت مصادر ثقافتهم سماعا ، أو قراءة ، أو مشاهدة . . . حتى لو كانت المعارضة لذات المعارضة التي صارت في بلدنا مهنة للبعض تثير السخرية ، بعد أن صارت هذه المعارضة من المضحكات المبكيات . . . فإن هذا البعض يواجه الحقائق العلمية ولغة الأرقام بالجهل وبالانطباعات وبالمعاندة التي تقود صاحبها إلى الكفر ' .انتهى الاقتباس .
وبما أنني أحد المعارضين لهذا المفاعل وكتبت رأيي برفضه في عدة مقالات ، فإنني أعتبر نفسي معنيا بالرد على هذا الكلام الذي يفتقر إلى المصداقية وتوخي الحقيقة من مختلف الأطراف . صحيح أنني لست من علماء الذرة أو خبيرا بها ، ولكن من خلال دراساتي العسكرية عن الحرب النووية في كليات الأركان وكليات الحرب المحلية والخارجية ، التي اشتملت على فصول كاملة عن هذا الموضوع ، أزعم بأن لدي معلومات عامة لا بأس بها ، عن المفاعلات النووية وما ينتج عنها من فوائد ومخاطر على الإنسان والبيئة ، حتى وإن كانت تلك المفاعلات مخصصة للأغراض السلمية .
فمن حيث المبدأ ينبغي أن تتوفر شروط ومتطلبات أساسية لبناء هذه المفاعلات ، على أن تأخذ باعتبارها الأولويات حسب أهمية الاحتياجات الوطنية ، شاملة مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح . وعليه سأبين تاليا ما سبق أن ذكرته في مقالات سابقة ، لعل بعض الكتاب يعيدوا تقييمهم للموضوع من كلا الطرفين وليس من طرف واحد ، ولا يفتون بما يجهلونه لتضليل المواطنين .
المرتكزات التالية هي ما اعتمدته المعارضة الوطنية للوقوف في وجه هذا المشروع الخطير ، والتي تمخضت عن توجيه رسالة إلى جلالة الملك وقعها 300 شخصية أردنية من بينها اثنين من رؤساء الوزارات السابقين و 12 وزيرا سابقا و23 نائبا :
1. عدم توفر مصدر مائي يفي بمتطلبات المفاعلين التي تبلغ 45 مليون متر مكعب من المياه النقية سنويا لكل منهما لتبريده . فمن غير المعقول الاعتماد على محطة تنقيه الخربة السمرا لهذا الغرض ، وخاصة في حالة حدوث عطل معين في المفاعلات . ولنا في حادثة مفاعل فوكوشيما الياباني عبرة كبيرة ، حيث ما زالوا يبردون قلوب المفاعلات النووية الأربعة المنصهرة حتى الآن .
2. إن الدول تقيم مفاعلاتها النووية على شواطئ البحار أو الأنهار ، ما عدا محطة واحدة في العالم هي في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أنشئت في الصحراء وتم تأمينها بمصادر المياه اللازمة . ومن الجدير بالذكر أن الصين التي تبني أكبر عدد من المفاعلات في العالم ، أوقفت مفاعلاتها النووية التي لا تقع على شواطئ البحار أو الأنهار بعد كارثة فوكوشيما .
3. المسافة بين مصدر المياه في الخربة السمرا وموقع المفاعل قرب قصر عمره تبلغ 60 كيلو مترا ، فكيف يمكن حماية الخط الناقل للمياه من أعمال التخريب أو القصف في حالة الطوارئ ؟
4. عدم توفر المال اللازم لتغطية كلفة إنشاء المفاعلين والتي تبلغ أكثر من 10 مليارات لكل منهما ، ما عدا الأعمال التابعة لهما كالبنية التحتية وتطوير شبكات الكهرباء وتأمين مصادر المياه والتي ستجعل الكلفة مضاعفة . وإذا ما اعتمدنا على المنح الدولية فإنها قد تجعل سيادتنا الوطنية على هذا المشروع رهينة لها .
5. وعلى افتراض أن الكميات المتوفرة من اليورانيوم كافية لهذا الغرض ، فإن الدول الكبرى لن تسمح لنا بتخصيب اليورانيوم محليا ، بل سيتم تخصيبه في الخارج ومن ثم استيراده للاستخدام ، وهو ما سيضع أيضا قيودا على سيادتنا الوطنية .
6. المفاعلات النووية تصدر بطبيعتها إشعاعات نووية ضارة في البيئة المحيطة ، حتى دون حدوث عطل بها مهما بلغت الادعاءات بأمانها .
7. التصرف بالنفايات النووية يشكل معضلة كبيرة ، وتكلف مبالغ طائلة وإشعاعات مضرة لسنوات طويلة . ولهذا فإن بعض الدول الكبرى تعمل على تصديرها خارج بلادها ، لتدفن في بعض دول العالم الثالث .
8. الخبرة الفنية العملية لدى موظفي هيئة الطاقة الذرية ، لا يمكن أن تكون بمستوى الخبراء الفنيين اليابانيين ، الذين عجزوا عن معالجة كارثة مفاعل فوكوشيما . وكان معالي خالد طوقان قد صرح في حينه أن تلك الكارثة تعود لأسباب إدارية .
9. تعتبر المفاعلات اهدافا استراتيجية للعدو ، وتشكل حمايتها معضلة كبرى . وإذا ما تم قصفها من قبل العدو في حالة الحرب ، فإن إشعاعاتها الووية ستشكل خطرا كبيرا على البيئة والمواطنين في منطقة واسعة ولسنين طويلة . هذا بالإضافة لتلويث حوض الأزرق المائي وغيره من الأحواض المائية .
إن أحد شروط إقامة المفاعلات النووية هو موافقة السكان المحليين عليها ، وهو أمر متعذر تحقيقه ويواجه معارضة من كافة المواطنين الأردنيين .
10. الطاقة الكهربائية المتوقع إنتاجها من المفاعلات بعد 10 سنوات لن تتجاوز 15 % من فاتورة استهلاك الأردن من الكهرباء وبكلفة عالية جدا . بينما يمكن إنتاج مثل هذه الطاقة من خلال وسائل الطاقة المتجددة ، وبفترة زمنية لا تتجاوز 3 سنوات وبكلفة شبه مجانية ، مع ضمان سيادتنا الوطنية عليها .
11. إذا كان العالم الأردني خالد طوقان يُصرّ على إقامة المفاعلات النووية ويقدم الحقائق والأرقام العلمية ، فهناك أيضا عدد من العلماء الأردنيين قدموا أرقاما وحقائق تنقضها تماما . من بين اولئك العلماء الدكتور علي المرّ ، الدكتور نضال الزعبي ، الدكتور كمال خضير ، الدكتور أيوب أبو دية ، وغيرهم ممن هجروا هيئة الطاقة الذرية قسرا وغادروا إلى خارج البلاد .
هذه بعض الأسباب التي ارتكزت عليها المعارضة الوطنية في رفض المشروع النووي . فإن كان لديك ما يدحض هذه الأسباب يا أستاذ بلال التل ، نرجوك أن تتقدم بمرافعتك الدفاعية وتعرض ما لديك من معلومات مدعمة بالحقائق حول فوائد المفاعل النووي ، كي تثبت خطأ معارضتنا وتنقذنا من الكفر وترفع عنا السخرية والجهل ، وعندها سنلغي معارضتنا لهذا المشروع .
التاريخ : 23 / 2 / 2015
ملحوظة : يعتذر الكاتب عن قبول التعليقات .