أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


القوة العربية المشتركة

بقلم : عبد الحليم المجالي
08-03-2015 10:23 AM
تنادت العربان بعد ان بلغ الحال بهم الى الدرك الاسفل من الفوضى العارمة واختلط حابلهم بنابلهم واستبيحت ديارهم , تنادوا الى تشكيل قوة عربية مشتركة . النداءات جاءت بعد ان غسل العربان ايديهم من حلفاءهم من الشرق والغرب وبعد ان يئسوا من حلول الامم المتحدة والمجتمع الدولي او بالاحرى بعد ان ان تعبت الامم المتحدة ومجلس الامن من متابعة قضاياهم . مجلس الامن لاينتهي من مناقشة قضية من قضايا العربان حتى يبدأ بأخرى , ألأمين العام للأمم المتحدة نضب معينه من المبعوثين الخاصين فبعد ان كانوا واحدا للصحراء المغربية وآخر للقضية الفلسطينية اصبح لكل كيان عربي تقريبا مبعوثا خاصا مع ما يلزم من اطقم عمل عليهم العمل ليلا ونهارا لمتابعة نهفات العربان وما تفيض به عقولهم من افكار . منظمات المجتمع المدني الدولي وحقوق الانسان والمحاكم الجنائية الدولية والفصل السابع تزخر سجلاتهم بالشخصيات والشركات والمنظمات المصنفة ارهابية والمطلوبين دوليا للمحاكمة وفي ذلك المجال حدث ولا حرج .
لاشك ان المطالبة بتشكيل مثل تلك القوة مطلب لمعظم المواطنين العرب ولكن الثقة بامكانية تشكيلها وتحقيقها لاهدافها تكاد تكون معدومة. الجهات الرسمية والاعلى صوتا بالمطالبة بتشكيل القوة , مصر مثلا, وعلى لسان رئيسها السيسي .مصر طبعا دولة مركزية بحجمها وموقعها وبتاريخها القيادي الطويل ولكنها تعاني هذه الايام من مشاكل اقتصادية خانقه ومن ارهاب خاص بها يتعلق بالصراع على السلطة والحديث عن انقلاب على الشرعية ومشاكل اخرى تجعل من مصر غير مؤهلة لقيادة تلك القوة والخوف من تأثير المال السياسي البترو دولار اللازم لتمويلها وبالتالي حرف القوة عن اهدافها .
الجهة الثانية التي طالبت بتشكيل القوة جامعة الدول العربية السيئة السمعة عند المواطن العربي الذي لن ينس دورها في تدويل معالجة احتلال الكويت مما ادى في النهاية الى تدمير الجيش العراقي. كذلك دورها في تدمير الجيش الليبي . المواطن العربي لاينسى ان الارهاب نمى وترعرع على مرأى ومسمع تلك الجامعة وبتسهيلات مادية ولوجستيه من عدد من اعضائها . في كل الاحوال جامعة الدول العربية بسجلها ورموزها غير مؤهلة لقيادة تلك القوة . مسألة قيادة القوة وتوجيهها في حال تشكيلها امر مهم وهنالك مخاوف من تجييرها الى قيادات الاحلاف المهيمنة على المشهد السياسي العربي وعندها تدخل المنطقة كلها بفصل جديد من الفوضى والارتباك مضافا الى الفصول الاخرى المهيمنة على المشهد .
الواجبات والمهمات المسندة لأية قوة تحدد هيكلها التنظيمي والتسليح والعقيدة القتالية ومجال عملها . الواجب المعلن لتلك القوة هو محاربة الارهاب وقد تكون هناك واجبات مضمنة تتفق مع هذا الواجب وتخدمه . الارهاب المقصود محاربته مصطلح فضفاض ولم يتم الاتفاق عليه . الاختلاف الاكثر وضوحا حول تعريف الارهاب هو بين الانظمة الرسمية العربية وبين شعوبها , على سبيل المثال الحكومة السعودية صنفت داعش تنظيما ارهابيا يجب محاربته بينما يلقى هذا التنظيم الدعم المادي من قبل اثرياء سعوديين بل ابعد من ذلك المتطوعون في هذا التنظيم نسبة عالية منهم من السعوديين . المحاور والتيارات ايضا لها تفسير خاص بالارهاب فبينما تعتبر الحكومة المصرية اي فعاليات مخلة بالامن المصري ارهابا تعتبر جماعة الاخوان المسلمون ذلك تعبيرا عن رفض الانقلاب . من هذا الاختلاف في الفهم للارهاب نستنج ان ذلك سيلقي بظلاله على كل ما يتعلق بالقوة المنوي تشكيلها وتكون سؤ النوايا والتأويلات سببا في افشال هذه القوة فيما لو تشكلت .
المواطنون العرب يعتبرون ان الارهاب المؤكد لديهم هو ماقامت به الصهيونية العالمية والاستعمار بزرع ذلك الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وما نعانيه اليوم من مآسي هو من تداعيات ذلك الاحتلال وبناء على ذلك كان من الاولى تشكيل قوة عربية مشتركة لمحاربة هذا الارهاب المنظم , يتساءل المواطن العربي لماذا لم تفعل جامعة الدول العربية معاهدة الدفاع العربي المشترك عندما تعرض لبنان لاعتداء شرس عام 2006 وكذلك عندما دكت القوات الصهيونية غزة ودمرتها ؟ سمع المواطنون العرب ان هنالك من اقترح تشكيل فيلق عربي ويتساءلون لماذا لم يتم في حينه ؟
بجانب القوة العسكرية هنالك القوة الناعمة وتعتمد تلك القوة بداية على مبدأ الوقاية خير من العلاج , الدول العربية مرت بتجربة العرب الافغان واكتوت بنارها وبدلا من دراسة تلك التجربة واستنباط الدروس المستفادة والبناء عليها تم ترحيل نتائج تلك التجربة دون دراسة وتمحيص لتتراكم اسباب الوصول الى ما نحن فيه من تغول للتطرف وتشعبه وصعوبة معالجته . غياب قيادة عربية راشدة تنظر الى مايجري حولنا من احداث من عدة زوايا ابقت النظرة الضيقة للاحداث سيدة الموقف فجاءت الرؤى متعددة ومشوهة فجاءت النتائج عكسية . الفوضى الفكرية وغياب المرجعيات والرخاوة واللامبالاة كلها عوامل فاقمت مشاكل الارهاب وجعلت من الحلول الناجعة اكثر صعوبة . سؤ الادارة في استثمار الاموال الهائلة عند اثرياء العربان واستثمارها في غير محلها جعلت من تلك الاموال نقمة بدلا من ان تكون نعمة يعم خيرها ويتلاشى شرها .

وانا اكتب هذه السطور قرأت ما تداولته وكالات الانباء عن بحث البرلمان التركي السماح لنشر قوات تركية في قطر, كمواطن عربي لدي قناعة بان كل شيء ممكن حدوثه في وطننا العربي ومن الافضل ان لا نقف عند كل خبر لان من يدقق في ذلك سيجد نفسه امام الغاز يصعب حلها . قطر دولة خليجية شاركت بالامس في اجتماع مجلس وزراء التعاون الخليجي في الرياض , معظم دول الخليج تعارض الاسلام السياسي ممثلا بالاخوان المسلمون وتركيا تمثل نموذجا لذلك الاسلام السياسي وهي التي تعادي مصر وتعتبر ما حصل في مصر انقلابا على الاخوان فكيف يصل الحال الى التحالف العسكري بينهما الى حد نشر قوات تركية تابعة لحلف شمال الاطلسي في دولة عربية ؟ وعلى اي اساس ؟ ومن هو العدو المشترك لذلك التحالف ؟ كمواطن عربي انتظر من يفسر لي ذلك , اوردت ذلك الخبر والتعليق عليه لابين ان تشكيل قوة عربية مشتركة امر ليس بالسهل ابدا .
بعد الحرب العالمية الثانية تم انشاء حلفين عسكريين كقوتين عسكريتين الاول حلف شمال الاطلسي يتبع لمعسكرالراسمالية الغربية وعلى راسه الولايات المتحدة الامريكية , الثاني حلف وارسو ويتبع للمعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفياتي المنحل ظهر نشاطهما خلال الحرب الباردة بين الشرق والغرب , الاول استمر وما زال يزداد قوة وتدخلا في المسرح الدولي اما الثاني فقد زال واندثر بعد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي عام 1991 , الشاهد في ذلك ان كل قوة عسكرية تحتاج الى غطاء سياسي تقوى بقوته وتضعف بضعفه . في الوطن العربي تكاد تغيب السياسة ومتطلباتها الى حد التصحر وعليه فاذا كان العربان جادون في تشكيل قوة عربية لابد من اصلاحات سياسية من خلال مشروع وطني عربي يضاهي وينافس القوتين الاقليميتين تركيا وايران .
يلاحظ القاريء انني استخدمت مصطلح العربان بدلا من الاصطلاح العرب لانني لم اجد لكلمة العرب معنى تدل علية فهم ليسوا امة موحدة او كيان سياسي له وزنه بين كيانات العالم . العرب مصطلح زائف وكل ما ينسب اليه زائف ,فمثلا ماذا يعني الرأي العام العربي وكيف يتم تكوينه ؟ ماذا يعني الاعلام العربي وانت تشاهد الخبر الواحد بعدة وجوه حسب من ينشره ؟ مصطلح العربان كما هو مفهوم في البادية جاء للتعبير عن مجموعات تسكن بيوت الشعر وتعيش بجانب بعضها البعض وتسمى باسم شيخ تلك المجموعة مثلا عرب جميل وعرب فريوان واعتقد ان حال ما يدل عليه مصطلح العرب من مجموعات متناقضه ومقسمه يعيش حالة مشابهه لحالة العربان .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-03-2015 08:01 PM

العزيز ابو محمد حماكم الله
اصبت كعادتك في تحديد الاتجاه وتصويب بوصلة عرباننا. الصهيونية هي أساس الخراب وتخريب وغسل عقول عرباننا.

يسهل رشوة ملتحي منتحل التدين ليقود أبناؤنا الى صراعات مذهبية خارج اطار معركتنا الاصلية.

داعش والأسير والنصرة وحزم وجيش الاسلام وأنصار السنة وووو مسميات لها رموز دينية تفتك بشبابنا وتقتل الف معاذ يوميا لتبقى اسرائيل ومناصريها العربان في منأى عن الفوضى اللاأخلاقية.

أطال الله في عمرك يا كركي يا عربي يا أصيل. كلامك موزون وفكرك نقي.

تحياتي واحترامي

2) تعليق بواسطة :
08-03-2015 11:50 PM

حياك الله أخي ابو محمد نتفق على العربان , العربان لا يملكون من امرهم و اغلب قادتهم متورطين و مكشوفين للدول صاحبة القرار في العالم , و قضاياهم معيبه و لا يقوى على تحمل انكشافها لأقرب الناس اليه و كيف امام شعوبهم الذين يتغنون بهم في احتفالاتهم الخاصه ينقصنا الوعي و التظحيه الم ترى كيف المعنين بالفساد هم من يتصدرون المشهد و يتعاملوا معنا باستفزاز غير مسبوق , و بتقديري ان ما نحن به هو نتاج تراكمات اسم بها الجميع و بحاجه الى جهود الكل و الموصوله لنصل الى بر الامان و لو بعد حين مع خالص تحياتي و استمر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012