أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الوهم..... والمؤامرة

بقلم : د. تيسير محمد الزيادات
31-03-2015 09:57 AM
على جثث القتلى، عزف الواهمون سمفونية الحرية، ايقاعها الأنين والألم، أوتارها أشلاء طفل ممزق ، أو بقايا امرأة يافعة، آخر ما تبقى منها عظم، لم تستطع الكلاب الضالة أكله وطحنة . هكذا هو الربيع العربي من شرقه إلى غربه ، استباحة للدماء، تشرد وضياع، فتاوى في الطرقات، اختر ماشئت؛ فأي الفريقين اخترت؛ فالفتاوى مطبوعة في كل مكان، على رف العالم والجهال، أفكار مبعثرة...وأصوات مبوحة يعتصرها الألم،... ربما لا نسمع صراخهم، لا لأننا لا نسمع؛ بل لأن صدى صرخاتهم يدوي في مكان لا يستطيع أحد سماعه ...
فهل كان الربيع العربي ربيعا أخضرا يملأ الزرع وردا وزهرا ؟ وهل أتت سحائبه من من أرض عربية أم أن مطرها جاء من بلاد غربية لا تعرف العدل أصلا ؟
إن الربيع الذي ينبت في أرضنا طبيعيا، يكون اجمل، حتى لو اصفرت أوراقه ؛ لكنه عندما يسقى بماء من غير مياهنا، وفي غير وقت ربيعنا؛ فإنه لا ينبت إلا الشوك والحنضل، والدم والدمار ....
والمتأمل لحال ربيعنا العربي/ الدموي يجد أنه جاء من غير بلادنا، ولك أن تتصفح التاريخ، وتتأمل السياسة الغربية ، وأذكر في ذلك ما قاله (Lord Macaulay) عضو البرلمان البريطاني عام 1835م حيث تتضحت معالم الفكرة الاستعمارية تجاه الثقافة للعالم أجم، وفي كل مكان وزمان ، وأقتبس مما قاله عندما زار الهند:' لقد سافرت في الهند طولها وعرضها، ولم أجد شخصا واحد متسولا أو لصا ، و لا أظن بعد أنني شاهدت من قبل ثروة وقيما أخلاقية، وسكان نجباء مثل ذلك، إن هذا المستوى الرائع من القيم يجعلني أعتقد أننا لن نفتح هذه البلاد أبدا إلا إذا حطمنا العمود الفقري لهذا الشعب، وهو تراثه الروحي وإرثه الثقافي، لذلك اقترح أن نستبدل ثقافته ونظامه التعليمي العريقين، بحيث يعتقد الهندي بأن كل ما هو أجنبي / انجليزي هو أحسن مما عنده، وبهذا يفقد احترامه لذاته، وثقافته الأصيلة، وهكذا يصبح كما نحب ونشاء، أمة مهيمن عليها'
نعم ، قال وفعل ؛ فقد تم في نفس العام تحويل النظام التعليمي في شبه القارة الهندية إلى الانجليزية ، وتبدلت ثقافة الشعب وقيمه وأخلاقه ...من هذه الإضاء يمكن أن تنظر حولك في عالم الربيع العربي وغيره ...، وتسقط دلالات التفكير الانجليزي، وكيف جاء مخاضه، وكيف تعسرت ولادته، وكيف يؤول بعد ذلك ...باسم الحرية، نعم، الحرية والديمقراطية والمساواة بين المرأة والرجل ، وحقوق الإنسان ....وكل الشعارات البراقة التي سمعت بها، أو لم تسمع، ونادت بها نوادي الروتاري الماسونية في العالم العربي ..نعم اليوم أتت ثمارها تطفو على بحيرات من دماء المسلمين، سنة وشيعة، عربا وكردا ..فهل يظن المواطن العربي اليوم أن الغرب يتركه وشأنه، وهو الذي فتح العالم عندما حمل راية الإسلام ؟ كما أن بلاده تنبع بالخيرات؟ وهل تظن أنك بعيد عن المؤامرة التي تحاك ضدك ؟ وهل تصدق بحرب يوضع لها مخطط زمني ب (ثلاث سنوات) وتنتهي ؟ وكيف علموا بالنصر بعد هذه الفترة الزمنية ؟ من يصدق هذا الدجل العالمي؟ إنها الفوضى الخلاقة ، المؤامرة، سايكس بيكو الجديد ونظرية التقسيم، وهذه الفترة الزمنية المتوجة بثلات سنوات، أظن أنها موعد تقسيم المقسم ....تأمل البرتوكول الثالث عشر ...جاء فيه '...........سنحاول أن نوجه العقل العام نحو كل نوع من النظريات المبهرجة fantastic التي يمكن أن تبدو تقدمية أو تحررية. لقد نجحنا نجاحاً كاملاً بنظرياتنا على التقدم في تحويل رؤوس الأمميين الفارغة من العقل نحو الاشتراكية. ولا يوجد عقل واحد بين الأمميين يستطيع ان يلاحظ انه في كل حالة وراء كلمة 'التقدم' يختفي ضلال وزيغ عن الحق، ما عدا الحالات التي تشير فيها هذه الكلمة إلى كشوف مادية أو علمية. إذ ليس هناك الا تعليم حق واحد، ولا مجال فيه من أجل 'التقدم' ان التقدم ـ كفكرة زائفة ـ يعمل على تغطية الحق، حتى لا يعرف الحق أحد غيرنا نحن شعب الله المختار الذي اصطفاه ليكون قواماً على الحق.
وحين نستحوذ على السلطة سيناقش خطباؤنا المشكلات الكبرى التي كانت تحير الإنسانية، لكي ينطوي النوع البشري في النهاية تحت حكمنا المبارك، ومن الذي سيرتاب حينئذ في أننا الذين كنا نثير هذه المشكلات وفق خطة سياسية لم يفهمها إنسان طوال قرون كثرة....'
ولا يفهم من ذلك الدفاع عن الأنظمة الدكتاتورية، وتبرير أعمالها... ولكن لنأخذ من اليوم عبرة، ومن الأمس خبرة ... فلسان الناس كتاب على الأرض، فلا تهمل قراءته، ولا تصدق كل ما تقرأه فيه ......وضع يدك بيدي فيدرك أحدنا الآخر....

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012