أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الاردن يخطأ طريق المستقبل

بقلم : النائب علي السنيد
28-04-2015 09:21 AM
في اعقاب سنوات غير مسبوقة من المظاهرات المتواصلة في الاردن، والتي جابت ارجاء قرى والوية ومحافظات المملكة منادية بالاصلاح، والتغيير، وكانت المساجد منطلقاتها الاسبوعية ، ورفعت هذه المظاهرات سقف الشعار السياسي بما لم تبلغه كافة القوى السياسية، واشدها تطرفا في كل تاريخها، وكانت شكلت قلقا حقيقيا، ومخاوف من ان تنتقل فوضى الربيع العربي بكافة تجلياتها الى الاردن ، وكان بعض الهامش الديموقراطي هو الذي امن عدم انزلاق المملكة الى ذات المصير الذي انساقت له انظمة المنطقة، وقد سقط فيها النظام العام، وانشطرت الجيوش، وتمزقت وحدتها الترابية، واسفرت عن مرحلة عربية دامية تقاتلت فيها اجيال الشباب مع القوى الامنية بالسلاح.
وقد كان حظنا احسن حالا في الاردن، وتمكن الهامش الديموقراطي ، وتوازن المجتمع الاردني من ان يوفر لنا طوق النجاة في عز ازمة الاقليم العربي، ومنع ذلك من انزلاقنا في هذه الاحداث الدامية التي خاضتها المنطقة بكل قسوة . الا ان الحراك الاردني اسفر عن مطالب عميقة للشعب الاردني، وارتفعت الحناجر في المظاهرات مطالبة باعادة السلطة للشعب، وتقاسم التنمية في الاطار الوطني، وتوزيع المكتسبات الناجمة عن عملية الحكم بعدالة، وتطهير البلاد من افة الفساد، ومحاسبة الفاسدين على جرائمهم العامة، وجرت مطالبات حقيقية باعادة اصلاح النظام السياسي، وتطويره على اسس اكثر شعبية، وبما يفي بمتطلبات المستقبل. وتمكين الشعب من ان يحكم نفسه ، وان تنطلق الالية الديموقراطية كي يكون المواطن مسؤولا من خلال عملية تصويته عن السياسات التي تطبق عليه.
وكانت الحكمة تقتضي ان تمتلىء هذه المرحلة برؤية سياسية عميقة لمنع وقوع ما جرى مرة اخرى ، وذلك من خلال تجهيز طاقم سياسي متكامل من الديموقراطيين ليشرفوا على اعادة تأهيل الاردن ديموقراطيا، وليزيلوا القوانين التي تحد من الحريات العامة، ويوجدوا البيئة التشريعية المناسبة لنشوء وتطور الحياة العامة التي تمكن من انتقال الاردن الى عداد الدول الديموقراطية، وان يكون هذا الطاقم ممن اشتهروا بتوجهاتهم الدموقراطية، وبقدرتهم على تعزيز مناخ الحريات العامة باعتبارها سر نجاح الاردن في اجتياز مرحلة الخطر المييت الذي اطلق عليه الربيع العربي.
و كان الواجب يقتضي ايضا ان تنهض جهة رسمية موثوقة بوضع تصورات عملية لاحداث النهوض بالواقع التنموي في الاردن لمنع جيل الشباب من ان يزيد في تشدده، وذلك على خلفية ضياع فرصه في الحياة، وكان من المهم ايلاء الاحوال المعيشية في الاردن الى خبراء حقيقيين في المجال الاقتصادي ، وممن يستطيعون اعادة تطوير القطاعات في المملكة لاحداث التنمية المستدامة، ولاستهداف مناطق الهوامش بغية اخراجها من ازمتها المعيشية الخانقة، وبالتالي اضفاء اجواء التهدئة على الوطن الاردني بطريقة علمية تتناسب مع حجم الزلزال الذي ضرب الاقليم وكان لزاماً ان نصحوا على اثره.
الا ان ما جرى فعليا لم يزد عن اعادة تجميع العديد من اعداء الديموقراطية، ومن لا يؤمنون سوى بالحل الامني، واطلق عليهم اسم حكومة، وجيء برئيس يحمل نظرة قديمة في الحكم، ولا تراعي ضرورات المستقبل، وهؤلاء تم ايلاؤهم مهمة اغلاق بوابة الامل في وجوه الاردنيين، وباستغلال الالية السياسية القائمة شرعوا باجراءات وتشريعات غاية ما تهدف له هو منع احتمالية ان يتحرك الشارع مجددا تحت وازع الخوف. واوجدوا سلسلة من القوانين الماسة بالحريات العامة، والتي يهدف بعضها الى تجريم العمل السياسي، ووضعه في دائرة الارهاب كقانون مكافحة الارهاب، وقانون محكمة امن الدولة، وقوانين تعيد القبضة الامنية على المحافظات كقانون اللامركزية الذي هو مدار النقاش العام اليوم، واجراء تعديلات دستورية اعادت التوسع بالصلاحيات خارج اطار الولاية العامة للحكومة كتعديل حصر تعيين قادة الاجهزة الامنية من خلال الملك مباشرة، ودون التنسيب من مجلس رئاسة الوزارء، وقوانين تهدف الى ترويع الاردنيين وتخويفهم من الشارع كقانون حظر الاسلحة الكيمائية الذي يبيح استخدام المواد الكيميائية في مواجهة الشغب المحلي، وما يزال هذا القانون يجد الرفض في مجلس النواب.
وتطبيقا لهذا النهج العرفي قامت الحكومة باعتقال كافة نشطاء وقادة الشارع الاردني فيما سمي بالحراك الاردني، ووضعتهم رهن الاحتجاز واصدرت بحقهم الاحكام ، وكذلك مضت بمشروع تفكيك جماعة الاخوان المسلمين، واضعافها، عزلها عن المجريات، هذا فضلا عن محاكمة نائب المراقب العام للجماعة الذي كان له دور بارز في حراك الشارع في اطار الربيع العربي، ووضعه في السجن.
وفي المقابل فقد تم القفز عن الضرورات التنموية لمعظم مناطق الاردن، وركزت الحكومة جل اهتمامها على سد عجز الموازنة باستهداف اخر ما تبقى في جيوب المواطنين الفقراء، وتم تشريع العديد من القوانين التي ترمي الى الجباية كقانون ضريبة الدخل، وكذلك رفع اسعار المحروقات والكهرباء، وتم تدمير معيشة المواطن الغلبان لكي يسد عجز الموازنة من خلاله وفي هذا السياق وضع الاردنيون تحت مخاوف شتى على وطنهم للقبول بهذه المعادلة، وهكذا اجتاحت الاردن موجة كبيرة من الغلاء. ولم تستطع هذه الحكومة ان توفر فرص عمل للشباب، وزاد القنوط والاحباط واليأس في هذا الجيل الذي تمثل مأساته الخطر الحقيقي الذي يحيق بالاردن.
وانا بدوري اتساءل واوجه كلامي لكل من هو في موقع المسؤولية الرئيسية هل تعتقدون انكم بذلك حللتم المعضلة، وستسلمونا وطنا امنا، ومحصنا ضد الاضطرابات، والفتنة. وقد كان الاولى لتحقيق ذلك ان تلتمسوا من لديه القدرة في احداث التحول الديموقراطي المطلوب، ولديه خطة في التنمية، وهو ما كان سيؤمن على الوجه الحقيقي ولوجنا الى المستقبل الآمن.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012