|
|
معالي الشعب..
بقلم : د. نزار شموط
25-05-2015 09:55 AM نُنعت بأننا شعب يتصف بالكشره , ولكنني متأكد ان الصفه الاكثر شمولاً وانتشاراً هي الاستوزار ( اذا صح التعبير) , بمعنى اخر ان الكل متيقن ومتأكد انه صاحب الحق والامتياز ان يكون وزيراً , وان من تولى الحقيبه الوزاريه ليس بأحق منه فيها , حتى لو كانت وزارة الصحه , والتي تتطلب ان يكون الوزير طبيباً. والذي اثار الموضوع ان احد الزملاء يعرفني على صديق له وينعته بمعالي الوزير المستقبلي , ووزير الغفله هذا لا يحمل اي مؤهل , ولكنه مستثمر في سوق العقار , الا ان دخله اعلى من دخل الاستاذ الجامعي . والمشكله هذا الهوس ينسحب على المتعلم وغير المتعلم , على اعتبار انه احد المكتسبات الوطنيه وهو حق للجميع . وتتصاعد وتيرة هذا الهوس عند اشاعة تشكيل او تعديل وزاري , فتبدأ احلام اليقظه تمتزج بأمال الواقع , وتفرز توتراً , وترقباً , وانتظاراً مشوباً بالرجاء والامل , يصل عند البعض لدرجة اليقين بان الحقيبه الوزاريه باتت قاب قوسين او ادنى منه , حتى وصل الامر لدرجه ان المستوزرين ليسوا بحاجة لقراءة القسم , الذي يؤدى امام الملك , فقد حفظوه عن ظهر قلب , ووصل الامر عند بعض المهووسين بأنهم قاموا بشراء البذلات والربطات ومتطلبات شياكه الوزير . وهناك قصص مضحكه تروى عن هؤلاء , الذين اصبحوا مطية سهله لابتزاز من يحيطون بهم من الداعمين المضللين . وفي كل مره يتكرر المشهد , فبعد اعلان التشكيل او التعديل , يصدم الكل بأسماء التشكيله , والتي في الغالب تكون بالنسبه لهؤلاء خارج التوقعات . ويبدأ الهرج والمرج , والقدح والتشهير والتجريح والاستخفاف بشخوص اصحاب المعالي الذين تم اختيارهم . فبعد قراءة السيره الذاتيه لكل وزير بدقه وتمحيص , يبدأ التحليل واصدار الاحكام ووضع المصوغات التي قادت دولة الرئيس لاختيار س , وعدم اختيار ص , وفي الغالب ص يمثل المستوزيرين , الذين تم اغفالهم من التشكيله , وتبدأ الاتهامات مصوغه بتبريرات الاختيار, ومنها ان الوزير اما جار دولته او ابن عمه اوبن اخته او نسيبه , او ابن معالي سابق , او ابن عائلة كلها وزراء , او من عائله ( واصله ) , او ابن عشيره كلها اصحاب دوله ومعالي بالوراثه , او ان الوزير ابن ابو (العزايم ) اللي بمد وبسد وياما عزم دولته , ومنها انو هذا مفروض من فوق . والانكى والامر انسحب هذا على النساء ايضاً , وبات هناك مستوزرات بعد ان اصبحت التشكيله الوزاريه , تضم عدد لا يستهان به من الوزيرات . الحقيقه ان المواطن لا يلام , فكثرة تشكيل الوزارات وما يتبعها من تعديلات , وفي فترات زمنيه متقاربه , والانتقائيه لتشكيلة الوزراء المبنيه على المناطقيه والعشائرية والجهويه والفئويه والمحسوبيه , والتي افرزت بمجملها بعض الوزراء الذين لا يستحقون مناصبهم لغياب الكفاءه والخبره . اعطت الحق لكل مواطن ان يحلُم ويتوقع ان يشمله الدور في احدى التشكيلات . في دول العالم التي تتبنى الديمقراطيات الحقيقيه , والتي تجذر لدى شعوبها فكراً سياسياً . وزرائها هم قيادات فكريه وحزبيه , وشخوص لهم ثقلهم الشعبي والقومي والعلمي ولهم انجازاتهم . فمتى نرتقي لمثل هذه الديمقراطيات , ويكون وزرائنا ذوو خبره وفكر وعلم وتميز وانتماء حقيقي , ويجمع عليهم الجميع , حينها سيطول عمر وزاراتنا , وتحقق اهدافها ونلمس انجازاتها , ونتجاوز ازمة الاستوزار لمن هب ودب .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|