أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ألا ليت الجاهلية تعود يومًا

بقلم : يسري غباشنة
17-06-2015 10:04 AM
لأخبرها عما آلت إليها أحوال الأعراب والأعاريب؛ من قتل وتشريد واستباحة دماء، واقتتال بين الأخ وأخيه، وبين الجار وجاره.
قرأنا في المأثور أن هناك جاهلية، ولكنها جاهلية كان فيها نخوة ومروءة ومكارم أخلاق جاء رسول الله _ صلى الله عليه وسلّم_ ليتمّمها لا لينسخها؛ مكارم نفتقدها الآن، بعد أن نفضناها عن أجسادنا التي استمرأت الذّل والخنوع، نتمسح تحت أحذية الفرس والروم حتى يومنا هذا.
كانت هناك جاهلية، ولكن كانت هناك شمائل وخصال لا نعثر عليها إلّا في قصائد الصعاليك_ وأين نحن منهم_ من عزّة النفس والإباء وتقاسم اللقمة مع المعوزين والجياع. نجدها في ثنايا أشعار عنترة من عفة النفس وغض الطرف إن بدت لجارته سوأتها. فكيف نقارنها بميوعة أبنائنا، وبخنوثة شبابنا، وبانفلات بناتنا. وأين نجدها عند لصوصنا الذين لم يصلوا إلى مستوى نعال الشنفرة، ولا إلى مداس تأبط شرًّا.
كان في الجاهلية حروب؛ ولكنهم يقعدون عن القتال في أربعة أشهر حرم، منذ عهد سيدنا إبراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام. في حين أنّ جمر احترابنا دائم الاشتعال، فلا ندخل سيفًا إلى غمده، ولا خنجرًا إلى جرابه، طوال السنون والسنين. عربان استحللنا الحرام حتى صار من ديدننا.
في الجاهلية دنايا ورذائل، ولكن حتى دناياهم ورذائلهم مربوطة بمكارم بحسب وجهة نظرهم؛ فالخمر مرتبط عندهم بالكرم، ومنه أُخذت لفظة عنب الكرمة وخمرتها اسمها. كانوا يسرقون نعم، ولكن ليقيموا عدلًا اجتماعيًّا مفقودًا بين فقيرهم وغنيهم. كانوا يقامرون بالميسر نعم، ولكن ليوزعوا ما تجود به أنفسهم على المعوزين والفقراء من جيرانهم.
أبو جهل لطم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، ولكنه ألحّ على صاحبه ألّا يذكر ما قام به من ضرب امرأة أمام أحد غيرهما؛ فهذا عار كبير، أصرّ أبو جهل ألّا يوصم به إن ذاع الخبر وانتشر بين العرب. ونحن الآن أول ما نفعله في حروبنا اغتصاب، وسبي في حقّ بناتنا وبنات جيراننا وأهلينا.
جاهليتنا غريب أمرها، إنها جاهلية لا مروءة فيها ولا نخوة. جاهلية لا رحمة فيها ولا مودّة. جاهلية ذات رأسين يرعاهما الشيطان؛ هذا يجزّ الرقاب ويحرق، وذاك ينكّل ويسلب ويقتّل. وعوام الناس حائرون تائهون كنعاج تاه راعيها وغاب، فتراها عرضة لمن نصّب نفسه ربًّا_ والعياذ بالله_ للتكفير والسلب والاغتصاب والتشريد.
في الجاهلية كان هناك أذناب لكلّ من الفرس والروم، ولكن كان هناك هانئ بن مسعود الشيباني الذي جمّع المشتّتين، وحمّس المتخاذلين، وانتصر للدم العربي، فكانت موقعة ذي قار. وأمّا مواقعنا فمخزية ومدعاة للعار والخيبة؛ مواقعنا في صعدة وعدن، مواقعنا في درعا وأدلب، مواقعنا في الرمادي والأنبار، مواقعنا في مصراتة والزنتان، مواقعنا في الشيخ زويد وسيناء. وعليه، لا عجب إن وقعنا وصرنا ملطشة لبساطير كل من هبّ ودب. لا عجب إن صارت أقفيتنا وظهورنا درب تعتليه كل شعوب العالم من شرق وغرب وتمتطيه.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-06-2015 10:30 AM

شكراً للكاتب الذي وصف وابدع ووضع النقاط على الحروف. نعم لسؤ الحظ والطالع كل ما أُرده حقيقة لا يمكن تجاهلها لكننا اصبحنا عبيد لقادتنا وهم للغرب والمستعمر ونسينا ديننا الحنيف وعروبتنا ومروءتنا ومكارم أخلاقنا. رمضان يبدأ غداً لكن أين غمد السيوف؟ أين الإحسان؟ أين وصل الرحم؟ أين غلق المطاعم والملاهي والخمارات الحقيقي وليس المفتعل؟ أين الحشمة لبناتنا؟ أين وقف الهدر بالمأكولات والغالبية جائعة؟ أين أين أين؟؟؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
17-06-2015 10:57 AM

مبدع

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012