أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أجلس في المقهى ..منتظرا

بقلم : سلطان الخضور
05-07-2015 11:15 AM
أجلس في المقهى ... منتظرا أن تأتي سيدتي الحلوة ,أبتاع صحفي اليومية ,أفعل أشياء طفولية ,...ساعدني يا برج الحمل ...هل تأتي سيدتي الحلوة ؟أبقى في المقهى .. منتظرا عشرة أعوام قمرية... منتظرا سيدتي الحلوة ... يخبرني برجي عن يوم ..يشرق بالحب والأمل ..يخبر عن خمسة أطفال ..يأتون ... وعن شهر العسل .هذه الجمل ليست من نسج خيالي ,كلمات فاضت بها قريحة الشاعر العربي الكبير نزار قباني .. يجلس نزار في المقهى ويبدأ ساعاته التي تتحول ألى أيام ومن ثم تتحول ألأيام إلى سنوات ...فيرى عبر الساعات والسنوات وصول سيدته الجميلة فيتزوج منها ويقضي برفقنها شهر العسل , وينجب حمسة أطفال وهو يقلب صفحات صحيفته اليومية ,فيعيش لحظات من الأحلام .يصورها كما تشاء ذاكرته لا كما يشاء القدر. فقد حول نزار بكلماته الواقع الذي لم يكم ليتجاوز الساعة إلى خيال رسم به لوحة من الأمل قد لا تتحقق, لكنه عاشها بسعادة وهناء .
جميلة لحظات الإنتظار طالما تقترن بالأمل , ولا يجعل الأمل حقيقة إلا إذا أقترن بالعمل .
قبل أن يرى أحدنا النور ويطل برأسه إلى الحياة , تكون أمه وأبوه ومن معهم بانتظار رؤيتi, وما أن يصرخ المولود صرخته الأولى حين يخرج من رحم أمة حتى يبدأ رحلة الإنتظار مع المنتظرين . وكأنه يسألهم حين يراهم , ماذا تفعلون ؟وتأتي أجابتهم بدون عناء ولا تفكير ننتظر قدومك. فيجيب, سأبدأ معكم فأنا قادم لأنتظر,انتظرت الخروج تسعة أشهر لوحدي , أما الآن فقد وجدت من أشاركهم رحلة الإنتظار.

نعم , رحلة الإنتظار تبدأ حين تبدأ حين تبدأ الحياة , ولا تنتهي إلا بانتهائها , الكل ينتظر طول الوقت ,فما أن يبزغ الفجر حتى يبدأ أحدنا الإنتظار,فحين الغسق ننتظر الشفق ,وحين الشفق ننتظر الغسق , إنتظار بانتظار وما بين الإنتظار والإنتظار أنتظار, ولولا الأمل لما كان جدوى من الإنتظار,شئنا أم أبينا سننتظر. فلماذا لا نوشح انتظتلانا بلحظات من التفاؤل والأمل ؟

حتى نطوع لحظات الإنتظار حين ننتظر علينا أن ننتظر بتفاؤل حتى في أسوأ الحالات على أمل أن تتغير مجريات الحدث وهي في طريقها الينا , وإن لم يكن فأنتظارنا سيحمل أملا بأن تكون نتائج الحدث أقل سلبية مما ننتظر . أما حين ننتظر حدثا سعيدا فإننا أيضا ننتظره بتفاؤل , إذ نتوقع بكل الأحوال أن لا يصيبنا إلا خير , وإن لم يكن فلن يصيبنا سوء على الأقل .

هكذا الحياة , ملايين من البشر ينتظرون قدوم ملايين آخرين , وملايين غيرهم ينتظرون رحيلهم ورحيل غيرهم , فالكل ينتظر , ولكل سبب ومبرر للإنتظار.

وحلاوة الإنتظار في كثير من الأحيان تكمن في مرارته ,فما أجمل تلك اللحظات عندما تكلل نهاية الإنتظار بلحظات جميلة كلقاء الأحبة مثلا أو الشعور بالنجاح . وما يزيد لحظات الإنتظار جمالا وحلاوة النهاية الجميلة غير المتوقعة ,فقد تتوقع نتيجة سلبية وتنقشع السحابة على حلم لم يكن في الحسبان , ليكون هذا الحلم سببا لاستدراج السعادة لقلب مجروح أو جسم معتل .

علينا أن ننتظر ...حتى الموت , فالموت يشاركنا الإنتظار ننتظره وينتظرنا , فالذكي من يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا ,ومن يعمل لآخرته كأنه يموت غدا .
سأنتهي من الكتابة وأبدأ رحلة انتظار أخرى .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012