أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رِدّة سياسية وتحوّل غير سوي ..!

بقلم : حاتم بريكات
13-07-2015 10:56 AM
بات واضحاً اليوم وبشكل لا يختلف عليه اثنين أن الدولة الأردنية تميل باتجاه الحل الأمني على صعيد الحريات وعلى صعيد تطبيق القانون في المجالات الأخرى ، وبات واضحاً أيضاً أن هذه المبالغة في السلوك الأمني من قبل الدولة طبيعي ؛ فالحراك السياسي الذي يتوقف بلا 'سبب وجيه' سيتعرض إلى أضعاف القمع الذي كان السبب في وجوده أصلاً ،والتاريخ يشهد بذلك ويؤكد دقة هذا الكلام .

في المقابل فإن تطبيق القانون واجب وحق للمواطن على الدولة ، ولكن لا يمكن قبول أن تكون عملية تطبيق هذا القانون ذات وتيرة غير ثابتة وطريقتها تتأثر بالظرف السياسي وبمزاج السلطة ، فالرصانة في تطبيق القانون تعزز ثقة المواطن بالدولة وتزيد من رصيدها وصلابتها في ظل التحديات ، فعدم ثبات طريقة تطبيق القانون سيؤدي إلى إخلال في استقرار منحنى (رضا المواطن مع تطبيق القانون ) من خلال أسلوبين واضحين تتبعهما الدولة :

أولا : تطبيق القانون بطريقة قاسية واستعراضية 'سيُشعر' المواطن بأن الدولة تعيش حالة انتقامية وردة فعل يحق لرجل الشارع أن يفسرها كما يشاء .
كأن تُأخذ على محمل عدم احتياج الدولة لوجود ساحة حوار مع الشعب .


ثانياً :وهذا أسلوب مناقض للأسلوب أعلاه وهو التهاون في تطبيق القانون تجنباً لتحول أي وضع احتجاجي إلى فوضى قياساً للمحيط من وجهة نظر
الدولة .


الواقع أن أحد المشاهد التي استدعت هذه المقاربة التي يمثلها البند أولاً هو مشهد استعراض القوة الذي قامت به الأجهزة الأمنية في مدينة الكرك 'بعد' عملية لإزالة البسطات من المدينة ، حيث كان بإمكانها التصرف بطريقة أقل حدة مع المخالفين خصوصاً أن أصحاب البسطات الذين نؤكد على مخالفتهم للقانون لم يكونوا مسلحين وليسوا في وضع خطير بل هم ظاهرة عادية في كل المدن - ولكنها مخالفة للقانون - وكان بالإمكان إنهائها خارج نطاق عملية 'فض الشغب ' ذات الآثار الجانبية السيئة، بحيث لم تتم مراعاة أهم فترة تسوق خلال السنة (فترة ما قبل العيد) واستخدام مسيل الدموع بكثافة وسط سوق مكتظ ،ويأتي ذلك تأكيداً لفكرة موجودة لدى الناس تقول أن الدولة تستغل كل رصيد الصمت والعقلانية الذي يتحلى به المواطن في وهم 'فرض الهيبة' بالقوة ، ولا تقوم باستغلال هذا الرصيد في التنمية والإصلاح.

وقد يتجلى البند ثانياً أعلاه عند مقارنة مرحلة الحراك مع ما يحدث اليوم ، فالفرق بين المرحلتين واضح من خلال دواعي الاعتقال مثلاً ، فالاعتقال اليوم قد يكون بسبب منشور فيسبوك أو حتى تغريدة ، في المقابل وضمن مرحلة الحراك كان هناك تصريحات 'بلا سقف' حسب التعريف الحكومي تُرك أصحابها وهذا ليس دعوة لإعادة الاعتقال بل جزء من محاولة تفنيد المشهد ، وهذا مؤشر سيء على سهولة تأجيل وتمديد وتسييس عملية 'تطبيق القانون' مع التأكيد أنني أناقش طريقة تطبيق القانون وليس القانون نفسه الذي يحوي مواداً تحتاج إلى نقاش مختص وأكثر عمقاً .

جزء أخير من صورة عدم القناعة لدى المواطن بأسلوب 'تطبيق القانون' هي أن الدولة صارمة جداً في تطبيقه على صغار المخالفين ، ولكنها تمارس إهمال وتظاهر بالعمى أمام كبار المخالفين ، ووجود هذا الانطباع بين الناس -حتى لو كان بنسبة قليلة- خطير وسريع التفاقم وخصوصاً أن الدولة لم تتقن عملية إغلاق ملفات الفساد بطريقة تليق بصبر هذا الشعب .

يبقى أن أقول أن العنوان في الأردن اقتصادي أمني بالنسبة لغالبية الناس ،وأن أثر سياسات الدولة غير المضبوطة بهذين العنوانين لن تفنى من دواخل الناس حتى لو أبدوا كل أنواع الانصياع ، فالتعويل على مقاييس أمنية لا يكفي وقد ثبت ذلك بالتجربة ، وثبت أيضاً أن مستوى رضا الشعب هو الضامن الوحيد لاستقرار الأوطان ، وأن السكوت عن أي عبث بها من أي جهة كانت وبأي طريقة كانت هو جريمة بحقه ، فالهدف المرجو هو حماية ورفعة وسلامة هذا البلد دائماً .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-07-2015 08:23 PM

للكرك رب يحميها

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012