أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حرية سقفها أدنى من منشور على الفيس بوك

بقلم : ياسر المعادات
25-07-2015 10:01 AM
لا يكفي التغني بالشعارات لجعلها واقعا ملموسا،مثلما لا تكفي الدعاية بالتقدم لصبغ الواقع السياسي و الاجتماعي بصبغة تقدمية.
لطالما أطلق النظام في الأردن عبر الحكومة و أجهزة الإعلام الرسمية أو التابعة (لا فرق بينها يذكر) شعارات تدل على واقع افتراضي وهمي تتحدث عن توفر بيئة ديموقراطية لدينا تكفل حرية التعبير عن الرأي و حرية الكلمة دون سقف يحددها على حد تعبير هؤلاء!
و لكن أين كل هذا من الواقع الذي نلمسه اليوم عقب انقضاء موجة الربيع العربي و عودة السلطة الحاكمة إلى سياسات القمع السابقة من تكميم للأفواه التي لم تعد تسمع في الشارع بطبيعة الحال،لتتحول صوب الفضاء الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي،و لكن حتى هذا الأمر لم يعد يلائم أهواء السلطة السياسية التي انبهرت أيما انبهار باندحار موجات الجماهير العربية في الربيع العربي و بالتالي عودة 'دكتاتوريات جمهوريات الموز' إلى السلطة ببطش أكبر مما سبق موجة الثورات،و هو أمر لم تفوته السلطة السياسية لدينا لتضرب بعرض الحائط هي الأخرى كل دعاياتها و شعاراتها التي كانت تتغنى بها لتلاحق كل من يبدي رأيا يخالف توجهات السلطة الحاكمة السياسية عبر ذراعها القوي و سلاحها الاستراتيجي (محكمة أمن الدولة).
لم تميّز هذه السلطة في بطشها بين تيار و آخر،إذ شملت اعتقالات منشورات (الفيس بوك) مختلف التوجهات من إسلامية و يسارية و حتى من عامة الشعب،بحجج سخيفة واهية تتحدث عن الإساءة للعلاقة مع دول صديقة أو تقويض نظام الحكم من خلف لوحة المفاتيح في جهاز الحاسوب أو إطالة اللسان من خلف شاشته! لا تعدم السلطة التبريرات التي تطلقها لاستمرار نفاقها السياسي سواء كان داخليا أو خارجيا.
إن ما تقوم به السلطة الحاكمة و الحكومة التي طال عمرها بشكل غير اعتيادي يسير عكس حركة التاريخ و هو أمر لا يخفى على أحد و إن حاول الكثير من المنظرين من مثقفي البرجوازية المرتدين صوب التمسح بالدكتاتورية تجاهله أو حتى إنكاره بعد استعادة تحالفهم مع السلطة من جديد،إن هذه السياسات الاستبدادية التي تعود لقرن من الزمان لن تجدي نفعا مع تقدم الأيام في هذا العالم الذي يتطور بشكل مضطرد، و إن كانت قدوة نظامنا السياسي اليوم تتمثل في نظام عسكري أو في أنظمة عشائر و قبائل تعود لقرون من الزمان،بينما يغفل التطور الطبيعي للتاريخ الذي لم يعد يقبل بأشكال 'دكتاتوريات جمهوريات الموز' التي بالمناسبة صنعت لنفسها نمطا ديموقراطيا سياسيا خاصا بها بعيدا عن التبعية للإمبريالية التي ما يزال نظامنا مصرا عليها رغم كل المآسي و الأهوال التي عرضتنا و ما تزال تعرضنا لها.
الهيبة الحقيقية لأي نظام سياسي حاكم لا تأتي عبر القمع الذي لا يمكن أن يستمر ردحا طويلا من الزمن،و لا تأتي عبر نسج واقع افتراضي للعبث بمخيلة الناس و السيطرة على وعيهم،بل تأتي بسيادة القانون العادل و إطلاق الحريات السياسية و البدء في نهج سياسي ديموقراطي حقيقي مبني على مصلحة وطنية عليا لا على مصالح سياسية ضيقة و تحالفات انتهازية،بغير هذا فإن الجماهير سوف لن تستمر طويلا في صمتها كغيرها من جماهير العالم التي سبقتها في النضال و ستنتزع حقوقها انتزاعا و إن طال زمن هذا الانتزاع و زمن هذا التحرك الجماهيري.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012