بقلم : ادهم غرايبة
01-08-2015 03:42 PM
على ذكر الزلزال الخفيف الذي ضرب الاردن مؤخرا و التآويلات المضحكة التي أتحفنا بها بعض من يظنون أنهم من أنصار الورع و دعاة التقوى , نستعيد حادثة كسوف الشمس يوم وفاة ' ابراهيم ' ابن النبي الأكرم محمد ' صلى الله عليه و سلم ' التي حدثت أواخر ايام العام العاشر للهجرة , حيث ربط بعض الصحابة الوفاة بكسوف الشمس - التي كانت ترعب الناس وقتها - فما كان من نبينا الأكرم الا أن قال ' أن الشمس و القمر آيتان من آيات الله , لا يخسفان لموت أحد و لا لحياته '.
هذه حادثه نستعديها لنبرر حاجتنا للتفكير العلمي الذي حث عليه رسولنا الاكرم و خاطبنا رب العالمين مرار في كتابه الحكيم بصيغ متنوعة مثل ' افلا يعقلون ' و ' تفكروا يا اولي الألباب ' و حثنا في أولى آيات كتابه العزيز على القرأة كي نحتكم للعقل حتى في التيقن من وجود الله عز و جل , الذي نقول يوميا اننا عرفناه بالعقل .
تحدث الزلازل لأسباب تتعلق بتكتونية الكرة الارضية و حركة الصفائح في القشرة الارضية التي نستطيع ان نفسرها كمسلمين بتفسير علمي مستفيدين من آية وردت في القرآن الكريم تقول ' و الارض ذات الصدع ' !.
اذا كانت فعاليات مهرجان جرش و الاختلاط الذي يحدث فيه - و هو يحدث أصلا في البنوك و الجامعات و الشوارع - سببا في حدوث هزة أرضية سببها المنطقي فالق البحر الميت فمن المفترض و الأولى ان تنتهي دول اخرى من الوجود لأنها تحمي بالقانون مواخير الدعارة و تشرع بعض انواع المخدرات , لا بل انها تقتل المسلمين اما جهارا نهارا كما كانت تفعل او عبر تمويل و دعم ' ثورات ' تشابهت علينا !.
الهجوم السنوي على مهرجان جرش بحجة الاحداث في المنطقة منبعة اما اشخاص يكرهون الحياة و انفسهم بحجة انهم اهل ورع و تقوى كما يظنون و اما تنظيمات سياسية تتخذ من الدين معبرا للوصول الى محبطين يتكاثرون بفعل سوء ادارة الدولة .
و تدعي ان افراحنا امر معيب بالنظر لما يجري في سوريا مثلا مع ان اكبر مخيم للاجئين السوريين يحوي صالة افراح ! و ينسون انهم ممن تورطوا بدماء السوريين . هؤلاء لا نسمع منهم تبريرا - مشابها لمنطقهم هم - للهزة اياها على قاعدة سكوتنا على الظلم و الفساد المنظم في بلدنا لأنهم جبناء – ببساطة – و يستسهلون فرائس صغيرة تسمح الدولة بمهاجمتها و نقدها . يريدون أردن بلا فرح و لا فن و لا ثقافة و لا أمل . اردن بائس و شاحب و ورع شكلي فحسب , معادي في جوهره للمرأة و يراها عورة دائما و يظن ان اي اختلاط هو دعارة !.
ماذا عن المخدرات التي تنتشر و بيوت الدعارة التي تتكاثر في عمان و ادعو – كعلماني – لملاحقة اصحابها ؟! ماذا عن ظلم الناس و التلاعب بغذائهم و دوائهم و تعليمهم و توريطهم في مديونية لا تنفعهم؟!.
النائب الذي انتشى بتيرير هزلي للهزة لم يقل لنا كيف وصل لمجلس النواب ؟! و لا تاريخه في الدفاع عن مصالح الناس و وقوفه بوجه تنكيل حياتهم . بل انه ضمن لنفسه رصيدا لدى قطاع عريض من الناخبين ليذكرهم بدفاعه عن ' شرع الله ' عبر هجومه على مهرجان بسيط يعقد لبضع ايام يتسنىى عبره لبعض الناس نسيان همومهم و الترويح عن انفسهم ,لا بالدعارة و لا بالعربدة .
بل بحضور امسية شعرية او الانتشاء بصوت جميل او التعرف لثقافات شعوب اصبح من المعيب بحق الانسانيه ان نعيش معا على ذات الكوكب بسبب رصيدنا الخالي من اي انجاز سوى التكفير و السواك !
اذا كان الزلزال اياه بسبب ' الفجور ' المفترض في مهرجان جرش فهل من المنطقي ان يعاقب ربنا الغفور الرحيم عامة الناس ممن يصلي اغلبهم و يصومون لأن بضع مئات حضروا حفلا غنائيا ,منهم اصلا من يعبد الله حق عبادته ؟!
للانصاف , تجار الدين ليسوا مسلمين فحسب . هناك رجال دين مسيحيين و يهود يفسرون اي كارثة طبيعية حسبما يروق لهم و يوظفونه خدمة لمعتقداتهم و مشاريعهم و مصالحهم . خذ مثلا القس الامريكي بات روبرتسون الذي يوجه اللوم للمسيحيين الذيت لا يأتون للكنيسة و كان غيابهم عنها سببا للعواصف المدمرة في بعض الولايات الامريكية !.
اذا كنا – نحن اهل الاسلام – نتنطح دائما و بعد كل اكتشاف علمي جديد ينجزه علماء ' كفرة ' لنقول ان ما اكتشفتموه مذكور في القرآن منذ زمن بعيد و نجد اية تشير له فكيف نقبل اليوم بتبرير مشوه لزلزال نجم عن حركة صفائح ذكرت حقا في تنزيل الله و فسرها القرآن بشكل علمي ؟!
اكبر ضرر يلحق بالاسلام اليوم يأتيه من المسلمين انفسهم , اذ يعتقدون ان الغاء العقل و مجفاة التفكير المنطقي هو انتصار للدين !