أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


آنفية العقل و استئناف الفكرة من الهزع "الوجودية"

بقلم : عمر الحباشنة
04-08-2015 01:22 PM
العلم ليس مقدس و المعارف ليست ثابتة و الإستنتاجات تتناقض و المدخلات غزيرة و المواقف تتبدل رغم ادعائنا للمبادئية في تصرفاتنا، و كل محاولة للبقاء على وتيرة واحدة و اتجاه واحد هي قتل للكثير من الأوجه المتعددة لهذا الكون الفسيح و على الأغلب هي عدم استطاعة للوثوب خارج القيود التي تصنع ذاتياً و اصطنعها المجتمع و المربيين و عدم تمكن من كسر الحواجز التي توظَّف كمُتكأ في حالات عجز الحجة و البرهان و اسنادها لتفسير التناقضات التي تملأ هذا الكون.
التناقض الموضوعي غير أصيل في الكون بل طريقة رؤية الأشياء هي من تفرض التناقض، و لو أنَّ التناقض أصيل في الكون فسينهار قبل أن يبدأ و نستنتج أنَّ العدم بحد ذاته غير مستقر و هو مولد الشيء و ضديده هذا على فرض سابق أنَّ العدم هو البداية الوحيدة التي يمكن أن يفسر فيها كل شيء و هذا طرح ديني ابراهيمي و حتى نظرية الـ (BIG BANG) تجاري هذه الفرضية إلى حدٍ ما، فالمقصود بالتناقض الغير أصيل في الكون ذلك المعني بإنسيابية الحياة و توافق المعادلات و تكافؤ الأشكار و مناسبة كل شيء في وجوده بالمكان و الزمان و الحيثية.
أغلب معارف و تصورات الإنسان يكتسبها في سنوات طفولته أمَّا الإستنتاجات تأتي فيما بعد عندما يبدأ بالتحليل و إخضاع تلك المعارف لماكينة العقل التي لا ترحم أحد إن فُعِّلت على مبدأ الحياد و برمجة العقل تعود لطريقة تلقينه في الطفولة و نلاحظ طفولة الإنسان لها نصيب كثير من حياته و خلالها يتم توليف العقل و زراعة المعتقد و ضبط نوعية ما يراكمه العقل الباطن الذي سيتحكم فيما بعد بكل سلوكياتنا و حكمنا على الأشياء حسب تعريف ‫فرويد‬ للعقل الباطن.
العقل في الطفولة بريء ولا يواجه الحجج بالعقيدة فهو لا يشعر بالإنتماء 'أو ضرورة الإنتماء' لأي قضية و لا يوجد ما يعنيه سوى الحفاظ على روحه المنطلقة في مساحات الفضول التي يوفرها له المحيط الذي يسكنه فتجده كثير الأسئلة وفير الإستنتاجات مندفع لفكرته حتى في العابه و نكاته ما لم تجد مثبط عائلي يكبح جذوة انطلاقة و يجب على الأهل عدم إغلاق باب الأجوبة في وجه أطفالهم أو تحريم السؤال عليهم بل يجب تشجيعهم للبحث أكثر في أعقد المسائل و أكثرها جدلاً مع ضرورة الإحتفاظ بنوعية من الأسئلة لمراحل متقدمة من غير وأدها في واد المحرمات الدينية و الأجتماعية لنصنع كاريزما وجودية كما أرادها بول ‫‏سارتر‬ و كارل ‫ياسبرز‬ و بليز ‫‏باسكال‬.
العقل يعمل بشكل بريء و يتقبل أي أمر إذا كررناه بإصرار و منعنا ما يناقضه من التسرب إليه و هذا سلاح ذو حدين فقد يجعل منه منتمي لفكرة منحازة إذا طوِّرت على رصيف الإنتماء و طرق الخلاص التي تقدمها العقائد أو يجعل منه متفائلاً طموحاً متفاني في الشعور الإيجابي التحرري إذا نميَّت على رصيف 'الوجودية' و القناعة و التفاني باستنتاجات العقل.
المعضلة التي يواجهها الكثير و خصوصاً في مرحلة الشباب أنَّهم فريسة أول مصيدة تصادفهم سواء كانت صداقة أو جماعة 'حزب، دين' أو كتاب أو شخص متميِّز 'قدوة' أو فكرة بسيطة أو طريقة عمل أو ممارسة شاذه 'جنس،سرقة،قتل،مخدرات،تسوُّل' و المصيدة هذه تتمكن من الشخص إذا استثارت سؤالاً و ضخمته ثم قدمت له إجابات مختصرة و بسيطة برمزيات مقدسة تلبَّس حُلِي الكمال و العصمة و التعالي و السمو، هذا النوع من الإنتماء المشوَّه و المشوِّه للإنسان كوجود و كحالة جمالية إبداعية بسبب انعدام البعد العمودي 'رمزيات الآخرين' و البعد الأفقي 'طريقة حياة المحيطين' و قلة المخزون المعرفي الإفتراضي في فترة الطفولة.
إنَّ أكبر الفخاخ و المصائد لعنة على أصحابها هي الكتب لأنها تقدم طروحها بتنمُّق و تربي المتلقي على طريقة في فهم الأسئلة و طريقة في إجابتها قاتلة بهذا الأسلوب الإحترافي أي محاولة لفك حلقة من حلقات السلسلة التي بنتها خلال صفحات الكتاب، و لذلك من ينمي نفسه يجب أن يقرأ جميع وجهات النظر المتعلقة بأي موضوع ليتمكن من الوصول لإستنتاج منصف و عادل و يجيب على أكبر قدر من الأسئلة الجدلية بموضوعية و ليس من الضروري أن تكون موضوعية مبسطة المهم موضوعية عادلة فيعمل العقل في هذه الحالة كمحكمة فيها قاضٍ لا يهمه المتهم بقدر ما تهمه التهمه، و يجب على محكمة العقل أن تستأنف الحكم تلقائياً مجرد ثبور شعلة الإجابات و الإستنتاجات و في كل استئناف للقضية تخرج المحكمة بثوابت أكثر مما سلف حول القضية لتكون شخصية و نمط حياة أكثر دقه مع تقدم العمر فتشكل عقيدة فيما بعد.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012